الوسط - محرر الشئون المحلية
نشرت صحيفة «الحياة» اللندنية في عددها الصادر أمس مقابلة تناولت عدة قضايا تخص الشأن العام البحريني، ولأهميتها ننشرها نصا:
حذر وزير الدفاع البحريني الفريق أول الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة من أن أهم التحديات الأمنية التي تواجه العالم العربي هي محاولات بعض الدول الغربية إعادة رسم خرائط المنطقة وتقسيمها إلى «كانتونات ودول صغيرة». وأكد أن الدول الخليجية والعربية «تعرف هذا المخطط وتعيه تماما وتتصدى له». وشدد على أن البحرين ودول الخليج قادرة على رد أي عدوان من جانب إيران أو أية قوة أخرى، مشيرا إلى أنها «سترد بقوة للدفاع عن نفسها» في حال أصبحت طهران سببا في وقف تدفق النفط أو الإخلال بخطوط الملاحة. وفي ما يلي نص الحوار الذي نشرته صحيفة «الحياة» أمس:
* التحديات الأمنية التي تواجه دول الخليج والعالم العربي لا حصر لها، فما أبرزها؟
- لابد أن يكون أبرزها، بل وأخطرها، المحاولات والمخططات التي تستهدف تقسيم العالم العربي. وهذا واضح من خلال العمليات التي تجري في العراق والسودان والصومال، وغيرها من دول عربية وإسلامية، فالتوجه السائد اليوم هو تقسيم مجموعات من الدول إلى كيانات صغيرة. وفي البدء كان هناك اعتقاد بأن بعض هذه العمليات صدفة، ولكن تكرارها جعلنا نتأكد من وجود مخطط، وأنه بالفعل ليس صدفة.
* تقصد مخططا غربيا؟
- لا نرغب في تحميل كل الدول الغربية مثل هذه المسئولية. ونرى أن بعضها، مثل فرنسا وألمانيا، ينظر إلى الأمور في منطقة الشرق الأوسط بطريقة مختلفة، وله مواقف متمايزة. وهناك من يتماشى مع التوجه الإسرائيلي في بعض الأمور، وربما أهم شيء يجب علينا فعله هو الانتباه إلى هذا المخطط.
* وهل يتم هذا المخطط من خلال محاولات بث الانقسام المذهبي؟
- كل الوسائل تستخدم لخدمة هذا التوجه، للأسف.
* ما مدى استعداد العالم العربي للوقوف أمام هذه المؤامرة؟
- أنا لا أسميها مؤامرة، بل هي توجهات تخدم استراتيجيات كبرى هدفها تثبيت الوجود في منطقة معينة قريبة من الصين أو روسيا أو من منابع النفط، وهي استراتيجيات شاملة وواسعة، لذا يتوجهون نحو تفكيك الكيانات التي لا تمنحهم هذه التسهيلات. وبالطبع، فإننا نعي تماما ضرورة مواجهة هذا الأمر من أجل مستقبل أولادنا. لقد سئمنا الحروب. شعوبنا محبة للسلام. وأرى أن ما يحدث في لبنان خير مثال على ذلك، رأينا كيف هدأت الأمور لفترة، وها هي تعود إلى دائرة الخطر.
* ما هي الأخطار التي قد تهدد البحرين؟
- نحن جزء من منظومة خليجية، والبحرين بلد صغير يتأثر بما يجري من حوله. وطبيعي أن تتأثر دول الخليج بالشأن العراقي، وكذلك الإيراني، وبما يجري في الوطن العربي عموما.
* ولكن البحرين بتكوين سكانها المذهبي لها خصوصية بين دول الخليج، لاسيما أن لديها أكثرية شيعية. ما هي التأثيرات المباشرة على أمن البحرين في إطار الصراع الذي تشهده الساحة الإسلامية؟
- ليست هناك تأثيرات سلبية من مثل هذه الصراعات على البحرين. بل على العكس، فالبحرين تتميز بالتنوع والحجم، ونجد أن هناك تنوعا بين شيعة البحرين أنفسهم، وليس كل الشيعة محسوبين على الخط الإيراني، بل هناك المحسوبون على الخط العربي، وآخرون على الإيراني، تماما كما هي حال الشيعة في لبنان، أي «أمل» و»حزب الله». والتوجه لا يتعلق بالمذهب الشيعي فقط، بل بالقوة التي تستخدم هذه الأقليات سواء كانت عرقية أو مذهبية. ولكنني أعتقد أن هذا المخطط، حتى ولو كان موجودا، لن ينجح في البحرين، نظرا إلى مستوى التعليم العالي ووعي الشعب البحريني.
* كيف تصف الخطر الإيراني على دول الخليج، في ضوء تهديد إيران بضرب المصالح الأميركية في المنطقة إذا تعرضت لضربة، وفي ضوء الوجود العسكري الأميركي في البحرين وقطر والكويت؟
- من الطبيعي أن نرد على أي اعتداء قد نتعرض له، ودول الخليج قادرة على الدفاع عن نفسها أمام إيران أو غيرها أو أي تهديد يواجهها. نحن لدينا قواتنا المسلحة وقدراتنا. ونحن نعرف أنه إذا ما حدثت مواجهة، على سبيل المثال، بين أميركا والغرب من جهة وإيران أو غيرها، فلابد من أن تتأثر بعض الدول. وسيكون هناك رذاذ من هنا ومن هناك، ولكن البحرين غير معنية بهذا الأمر.
* كيف؟
- إيران تشير إلى مضيق هرمز، وتهدد خطوط الملاحة والدول التي فيها قواعد (أميركية). غير أن القواعد الموجودة عندنا لا تستهدف إيران، والجميع يعلم أن التعاون بيننا وبين الولايات المتحدة عمره أكثر من 55 عاما، أي لا علاقة له بالشأن الإيراني، بل أنه يرتبط بالعلاقة الاستراتيجية لحماية النفط، وإذا أصبحت إيران المصدر الرئيسي لوقف هذه السلعة أو الإخلال بخطوط الملاحة، فإن البحرين ودول الخليج سترد بقوة للدفاع عن نفسها.
* لكن، هل تستطيع القول إن هناك استراتيجية دفاعية مشتركة للرد على هذه التهديدات؟
- أكيد، ونحن مستعدون لمواجهة أي تهديد إيراني أو غيره، والقوات المسلحة في أي بلد جاهزة للتعامل مع هذا التهديد. غير أنني يصعب عليّ التطرق إلى هذا بالتفصيل، ولكنني متأكد أن دول مجلس التعاون الخليجي مدركة للأخطار المحدقة بها وتدرك طريقة التعامل معها.
* وكيف تتعامل البحرين ودول المجلس مع إيران نووية؟
- جميع التصريحات الصادرة عن القمم بين مسئولي دول المجلس واجتماعاتهم تؤكد أننا ضد وجود الأسلحة النووية في المنطقة، بما في ذلك وجودها لدى إيران و»إسرائيل». وهذه البيانات واضحة، فنحن نعتبر امتلاك الطاقة النووية للاستخدامات السلمية حقا، ولكننا ندين حيازتها لأبعد من ذلك، وخصوصا أنها قد تستخدم ضد دول أخرى، كما أنها ستفتح المجال لسباق نووي بين دول المنطقة.
* بعض دول المنطقة يعاني من تهديد أصوليين عادوا من العراق لتهديد أمن بلدانهم. هل هناك بحرينيون يحاربون في العراق؟
- لا. ليس هناك بحرينيون يحاربون في العراق، بل جماعات بحرينية تذهب لزيارة الأماكن المقدسة والسياحية.
* تعني أن هذه المسألة ليست مصدر قلق؟
- حتى الآن لا يوجد أي قلق، ولكن ما يجري في المستقبل الله أعلم به.
* كيف تقوّم خطر فتنة شيعية - سنيّة في المنطقة؟ وهل هو خطر حقيقي أم مبالغ فيه؟
- نحن مسلمون وشعوب واحدة، ولا يجوز إطلاقا أن نسمح لأحد بزرع مثل هذه الفتن. إذا نجحوا في العراق، فإن هذا لن يحدث في أماكن أخرى من العالم العربي.
* هل تحضر البحرين لإتمام صفقات شراء أسلحة جديدة؟
- عقدنا صفقة شراء طائرات من بريطانيا قبل عامين. ويجري العمل لإتمام المرحلة الأولى. وهناك صفقات صيانة وتطوير للمنظومات الموجودة حاليا، ولكن ليست لدينا صفقات رئيسية بمئات الملايين. وتوجهات الدولة في هذه المرحلة هي التركيز على الإنماء والخدمات.


