gbha جبهة انقاذ الوطن العربى: الصهاينة يحركون أوراق اللعب في الجنوب السوداني

بالصور عمر عفيفي: محمد مرسي حاصل على الرقم القومي الأمريكي منذ 1980

إبراهيم درويش: قرار مرسي «أكبر من نكسة 67» وأدعو «العسكري» للانقلاب ضده

بعد ضبط خرائط بمقر جمعية أمريكية بالقاهرة‏ .. الإعلام الأجنبي يروج لإحياء الفكرة المشبوهة بتقسيم مصر إلي ‏4‏ دويلات

الصهاينة يحركون أوراق اللعب في الجنوب السوداني

أحمد عبدالوهاب


تحدَّثنا منذ شهور عن انفصال الجنوب السوداني وتداعيات هذا الانفصال في المستقبل القريب وليس البعيد، وأوردنا وقْتها أن انفصال الجنوب ليس تقريرًا للمصير كما كان يصوِّره البعض؛ سواء بحُسن نيَّة، أو سوء نيَّة، وإنما هو مُخطط أولَى خُطواته بدأتْ بتوقيع اتِّفاقية السلام والتي وضَعت أُسس الانفصال، حتى إننا قلنا: إنَّ الاستفتاء ما هو إلا رتوش ورقيَّة، فالأمر قد انتهى منذ مدة طويلة، وحدَث الاستفتاء وجاءَت النتائج لتتعدَّى الـ90 بالمائة، وهو أمرٌ غريب؛ لأن قبائل الجنوب مختلفة فيما بينها، وكانت الصراعات مشتعلة حتى وقت الاستفتاء، وبقراءة يسيرة لِمَا تَمَّ التوقيع عليه من جانب حكومة السودان وممثلي الجنوب لأنْ تبقى "أبيي" تحت الإشراف الأُممي إلى أن يتمَّ تقرير مصيرها، وهذا الأمر المغلَّف بالبراءَة كان يخفي تحت رَماده مؤامرات إسرائيليَّة وأمريكيَّة كبيرة، بحيث يقبل الشمال الانفصالَ، ويُزعن لكلِّ ما يُطلَب منه، ولا يقترب من الجنوب، بل يقف مكانه، ويتمُّ الزجُّ ببعض الجنوبيين؛ لاستفزاز الجيش الشمالي الذي يرتكز في أماكن معيَّنة تَمَّ تحديدها من قِبَل اليونيفيل، ومن ثَمَّ لن يقبل الجيش السوداني تلك الاستفزازات، فيخرق الاتفاق، وهنا تتدخَّل أمريكا وإسرائيل بشكلٍ علني لحماية الدولة الوليدة، ويكون إرسال المعدَّات والأسلحة بشكلٍ علني؛ لتمكين الجنوب من الدفاع عن نفسه وفْقًا للسيناريو الذي أعدُّوه، وتبدأ القوات الدوليَّة التي هي أمريكيَّة في الأصل في السيطرة على المدينة البتروليَّة، وتتمركز قوَّاتها في تلك المنطقة، وهنا تُصبح قريبة وبشكل قانوني من تنفيذ باقي حلقات المخَطَّط، وبالفعل تَمَّ استفزاز الجيش الشمالي عن طريق القبائل، ولَم يتدخَّل الجيش السوداني الشمالي، فتَمَّ دفْع جيش الجنوب بصورة غير مباشرة، وحدَثت معارك ونَفَى كلُّ طرفٍ هذا الاشتباك، إلى أنْ جاءت الأسابيع والأيام القلائل الماضية، والتي فاض بها الكيْل بعد أن قام الجنوبيون بقصْف جيش الشمال وهم برفْقه اليونيفيل، وهي سوابق لا تتكرَّر كثيرًا، ولَم تنفِّذها سوى بعض الحكومات المجرِمة؛ كما حدَث في البوسنة والهرسك، والجيش الصِّهْيَوني عندما أحْرَق وقصف مقار الأُمم المتحدة في غزة، لقد أدانَت المنظمة الدولية هذا الاعتداء الإجرامي من قِبَل الجنوبيين، والذي كان من نتائجه قيام جيش الخرطوم بالردِّ وحدوث الاشتباكات العنيفة التي تُنذر بعودة الحرب مجدَّدًا بين الشمال والجنوب، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل من مصلحة الكِيان الصِّهْيوني والأمريكيين عودة الحرب بين الشمال والجنوب؟

وأنا أقول لكم: نعم، والآن رغم أنَّ الأضعف حسب المقاييس الدوليَّة هو الذي بدأ الحرب، وهو الجنوب، فقد أرادَت أمريكا استفزاز الشمال؛ لفرْض قيود جديدة عليه، ولكنَّه لَم يفعل، واستنفرت القبائل، ولَم يتحرَّك الشماليون ويبدؤوا بالحرب، فلم يكن أمامهم إلا الدَّفع المباشر بالجيش الجنوبي في مواجهة مع الشمال؛ لإيقاف أيِّ خُطوات تنموية مستقبليَّة قد تدْعَم ركائز النظام في الشمال، واستنزاف الموارد وعدم حلِّ مشكلة "أبيي"؛ حتى لا يتم الاستفادة من مواردها.

إضافة إلى هذا أنَّ الحرب تشتعل الآن قبل عدة أيام من الانفصال الحقيقي الرسمي الذي من المفترض أن يتمَّ في يوليو المقبل 2011، وهذا يعني أن الدولة الصِّهيونيَّة في الجنوب بدأتْ عملها بالفعل؛ لتنفيذ مُخططها الذي كان يهدِف إلى توسيع رُقعة نفوذها، وحصار جنوب مصر، وإثارة القلاقل والفِتَن فيه، وذلك قبل سقوط نظام مبارك الحليف الرئيس لهم، فما بالنا الآن وقد انتهى هذا النظام، وجاء نظام شعبي بعد انتصار الإرادة الشعبيَّة في ثورة يناير؟!

 ولا يجب أن ننسى أن الانفتاح المصري بعد الثورة على إفريقيا وفي مقدمتها السودان، والكلمات التي أُعيد استخدامها من جديد بأنَّ السودان سلَّة غذاء إفريقيا، أثارَت مخاوف الأمريكان والصهاينة من أن تلعب مصر دورًا محوريًّا في القارة السمراء، أو أن تستعيد دورها السابق، وهو ما يعني تضييق الخِناق على الخُطط الصِّهيونية، فأحبَّ الصهاينة أن تكون لهم المبادرة بإشعال الحرائق قبل أن تضعَ مصر أقدامها في السودان ودول القارة عندما تستقر أوضاعها الداخليَّة، ورأتْ أنَّ الوقت الآن مناسب جدًّا لبَدْء الخلافات مجدَّدًا، وسيكون للأمريكان دور كبير في تأجيج الصراع ونقْله من "أبيي" إلى المناطق السودانية الأخرى، وتمويل حركات التمرُّد الحاليَّة، وخَلْق حركات جديدة وتدعيمها إذا لزمَ الأمر؛ ولذا فإنَّ هذا الواقع يحتاج إلى قراءة من جانب مصر المحاصَرة صِهْيَونيًّا من الشمال والغرب في ليبيا، ومن الجنوب في السودان.

ومن وجهة نظري أنَّ الأوضاع في السودان لن تستقرَّ إلا إذا عَقَد النظام حلقات حوار مع كافة طوائف المجتمع، وأخَذ الرأْي والمشورة حول كيفيَّة التعامل مع تلك القضايا؛ من أجْل أن تقوى الجبهة الداخليَّة التي بدونها لن تنجح الخُطط، ولن نَصِلَ إلى الأهداف، وأن تلعب مصر دورًا محوريًّا في الموضوع، ولا تترك الأمر للـ c.i.a والموساد، فالوضع خطير جدًّا، وإذا بدأَت الحرب الآن فلن تنتهي؛ لأن الجنوبيين مسلحين عن طريق الترسانات الصِّهيونية والأمريكية منذ سنوات، وتسليحهم اليوم مشروع فهم دولة مستقلة، فلتَنْتبه مصر والعرب قبل أن تخرجَ خُطط التقسيم من أدراج البيت الأبيض؛ لنجد مصر دولتين أو ثلاثة، والسودان ستة أو سبعة، وليبيا واليمن وباقي الدول العربية.

وأنا أطالب حكومة الرئيس البشير أن تضعَ مصلحة السودان والأُمة الإسلامية فوق أي اعتبار، وأن يكون لديها صوت قوي، ترْدع به أعداء الأمة قبل ردْع الجنوبيين، وأن تبني البيت من الداخل؛ حتى لا ينهدم فوق رؤوسنا جميعًا، فقد سلَّمنا الجنوب، ونستعد لتسليم دارفور، ونعوِّل على الاستفتاءات وتقرير المصير في الوقت الذي يزرع فيه أعداؤنا قنبلة في كلِّ شبرٍ من أراضينا، لقد استيقظَت الشعوب العربية والإسلاميَّة، وثارَت وخَلَعت بعض رموز الفساد، وأوْجَدت رعبًا حقيقيًّا في الداخل الإسرائيلي، عندما تحرَّكت الشعوب خلال الأيام الماضية، وبدأ الصهاينة في تغيير بعض إستراتيجيَّاتهم لتواكب المستجدات في العالَمين العربي والإسلامي، والسؤال الآن: هل سنظل نتحدَّث ونتحدث بلا أفعال؟


جبهة انقاذ الوطن العربى

0 التعليقات

ضع تعليق

Copyright 2010 جبهة انقاذ الوطن العربى Designed by الجبهه