gbha جبهة انقاذ الوطن العربى: توجيه الماسون للتعليم

توجيه الماسون للتعليم

الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض



في (ص 168) من "البروتوكولات": "ولهذا السبب سنحاول أن نوجِّه العقل العام نحو كل نوع من النظريات المبهرجة التي يمكن أن تبدو تقدُّمية أو تحررية، لقد نجحنا نجاحًا كاملاً بنظرياتنا على التقدُّم في تحويل رؤوس الأمميين الفارغة من العقل نحو الاشتراكية، ولا يوجد عقل واحد بين الأمميين يستطيع أن يلاحظ أنه في كل حالة وراء كلمة التقدم يختفي ضلال وزيغ عن الحق، ما عدا الحالات التي تشير فيها هذه الكلمة إلى كشوف مادية أو علمية؛ إذ ليس هناك إلا تعليم حق واحد ولا مجال فيه من أجل التقدم.

إن التقدم - كفكرة زائفة - يعمل على تغطية الحق حتى لا يعرف الحقَّ أحدٌ غيرنا، نحن شعب الله المختار الذي اصطفاه ليكون قوامًا على الحق".

في البروتوكول التاسع (ص 143- 147): "عليكم أن تواجهوا التفاتًا خاصًّا في استعمال مبادئنا إلى الأخلاق الخاصة بالأمة التي أنتم بها محاطون، وفيها تعملون، وعليكم أن لا تتوقعوا النجاح خلالها في استعمال مبادئنا بكلِّ مشتملاتها حتى يعاد تعليم الأمة بآرائنا، ولكنَّكم إذا تصرَّفتم بسداد في استعمال مبادئنا فستكتشفون أنه قبل مضيِّ عشر سنوات سيتغيَّر أشدُّ الأخلاق تماسكًا، وسنضيف كذلك أمَّة أخرى إلى مراتب تلك الأمم التي خضعت لنا من قبل.

وكيف نستوثق ممَّا يتعلمه الناس في مدارس الأقاليم؟
 من المؤكَّد أن ما يقوله رسل الحكومة أو ما يقوله الملك نفسه لا يمكن أن يجيب في الذيوع بين الأمة كلها؛ لأنه سرعان ما ينتشر بلغط بين الناس.

ولقد خدعنا الجيل الناشئ من الأمميين، وجعلناه فاسدًا متعفِّنًا بما علمناه من مبادئ ونظريات معروف لدينا زيفها التام، ولكننا نحن أنفسنا الملقِّنون لها.

ولقد حصلنا على نتائج مفيدة خارقة من غير تعديل فعلي للقوانين السارية من قبل، بل بتحريفها في بساطة وبوضع تفسيرات لها لم يقصد إليها مشرعوها).

وفي صفحة (185) من "البروتوكولات": "وإننا بالتربية النظامية سنراقب ما قد بقي من ذلك الاستقلال الفكري الذي نستغلُّه استغلالاً تامًّا لغايتنا الخاصة منذ زمان مضى، ولقد وضعنا من قبل نظام إخضاع عقول الناس بما يسمى نظام التربية البرهانية (التعليم النظري)[1] الذي فرض فيه أن يجعل الأمميين غير قادرين على التفكير باستقلال، وبذلك سينتظرون - كالحيوانات الطيِّعة - برهانًا على كل فكرة قبل أن يتمسكوا بها، وإن واحدًا من أحسن وكلائنا في فرنسا وهو (بوروي) واضع النظام الجديد للتربية البرهانية".

وفي البروتوكول السابع عشر (ص 182- 183): "رغبة في تدمير أيِّ نوع من المشروعات الجمعية غير مشروعنا سنبيد العمل الجماعي في مرحلته التمهيدية؛ أي: إننا سنغير الجامعات ونعيد إنشاءها حسب خططنا الخاصة، وسيكون رؤساء الجامعات وأساتذتها مُعدين إعدادًا خاصًّا، وسيلته برنامج عملي سرِّي متقَن سيهذبُون ويشكلُون بحسبه، ولن يستطيعوا الانحراف عنه بغير عقاب، وسيرشَّحُون بعناية بالغة ويكونون معتمدين كل الاعتماد على الحكومة.

إن المعرفة الخاطئة للسياسة بين أكداس الناس هي منبع الأفكار الطوبارية وهي التي تجعلهم رعايا فاسدين، وهذا ما تستطيعون أن ترَوه بأنفسكم في النظام التربوي للأمميين - غير اليهود - وعلينا أن نقدم كل هذه المبادئ في نظامهم التربوي؛ كي نتمكَّن من تحطيم بنيانهم الاجتماعي بنجاح كما فعلنا.

وحين نستحوذ على السلطة سنعدُّ من برامج التربية كلَّ المواد التي يمكن أن تسلخ عقول الشباب، وسنصنع منهم أطفالاً طيِّعين يحبون حاكمهم، ويتبينون في شخصه الدعاية الرئيسة للسلام والمصلحة العامة".

وفي "البروتوكولات" (ص 123): "لا تتصوَّروا أن تصريحاتنا جوفاء، ولاحظوا هنا أن نجاح (دارون) و(ماركس) و(نيتشه) قد رتَّبناه من قبل، والأثر غير الأخلاقي لاتجاهات هذه العلوم في الفكر الأممي - غير اليهودي - سيكون واضحًا لنا على التأكيد، ولكي نتجنَّب ارتكاب الأخطاء في سياستنا وعملنا الإداري يتحتَّم علينا أن ندرس ونَعِي في أذهاننا الخط الحالي من الرأي وهو أخلاق الأمة وميولها".

وقال الحاخام (لويز برونس) - وهو أحد أقطاب الصهيونية الحديثة -: "إن كارل ماركس حفيد الحاخام مردخاي ماركس، كان في روحه واجتهاده وعمله ونشاطه وكل ما قام به وأعد له أشدَّ إخلاصًا لإسرائيل من الكثيرين ممَّن يتشدقون اليوم بدورهم في مولد الدولة اليهودية".

وكان (كارل ماركس) قد اتَّصل في عام 1862م بفيلسوف الصهيونية وواضع أساسها النظري: (موشيه هيس) ومن هذا أخذ (هرتزل)، وقد بلغ من إعجاب ماركس وتأثره به أن كتب عنه فيما بعد يقول: "لقد اتخذت هذا العبقري لي مثالاً وقدوة؛ لما يتحلى به من دقَّة التفكير واتِّفاق آرائه مع عقيدتي وما أؤمن به، إنه رجل نضالي الفكر والسلوك"[2].

وفي البروتوكول الرابع عشر (ص 170- 171): "وقد نشرنا في كل الدول الكبرى ذوات الزعامة أدبًا مريضًا قذرًا يغشى النفوس، وسنستمرُّ فترة قصيرة بعد الاعتراف بحكمنا على تشجيع سيطرة مثل هذا الأدب؛ كي يشير بوضوح إلى اختلافه عن التعاليم التي سنصدرها من موقفنا المحمود، وسيقوم علماؤنا الذين رُبُّوا لغرض قيادة الأمميين بإلقاء خطب ورسم خطط وتسويد مذكِّرات، متوسِّلين بذلك إلى أن تؤثِّر على عقول الرجال وتجذبها نحو تلك المعرفة وتلك الأفكار التي تلائمنا".

وفي البروتوكول الثالث عشر (ص 168- 169): "ولهذا السبب سنحاول أن نوجِّه العقل العام نحو كل نوع من النظريات المبهرَجة التي يمكن أن تبدو تقدُّمية أو تحرُّرية، لقد نجحنا نجاحًا كاملاً بنظريَّاتنا على التقدُّم في تحويل رؤوس الأمميين الفارغة من العقل نحو الاشتراكية، ولا يوجد عقل واحد بين الأمميين يستطيع أن يلاحظ أنه في كل حالة وراء كلمة (التقدم) يختفي ضلال وزيع عن الحق، ما عدا الحالات التي تشير فيها هذه الكلمة إلى كشوف مادية أو علمية، إذ ليس هناك إلا تعليم حق واحد، ولا مجال فيه من أجل التقدم، إن التقدم - كفكرة زائفة - يعمل على تغطية الحق حتى لا يعرف الحقَّ أحدٌ غيرنا، نحن شعب الله المختار الذي اصطفاه ليكون قوَّامًا على الحق، وحين نستحوِذ على السلطة سيناقش خطباؤنا المشكلات الكبرى التي كانت تحيِّر الإنسانية؛ لكي ينطوي النوع البشري في النهاية تحت حكمنا المبارك، ومن الذي سيرتاب حينئذ في أننا نحن الذين كنَّا نثير هذه المشكلات وفق خطة سياسية لم يفهمها إنسان طول قرون كثيرة".

وفي البروتوكول التاسع: "لقد تمكنَّا من تضليل شبيبة الأغيار وتبليدهم، وحطهم خلقيًّا عن طريق تعليمهم المبادئ والنظريات التي نعتبرها كاذبة، ومع ذلك فنحن نوحي بها ونعلمها".

نشرت "مجلة فلسطين" في العدد (86) بتاريخ صفر 1388هـ أيار 1968م بعنوان (تهويد القدس وتعليم اللغة العبرية): "يواصل العدوُّ مساعيه الحثيثة لتهويد مدينة القدس العربية، وقد قام أخيرًا بإرغام جميع المدارس العربية في المدينة على تلقين طلابها اللغة العبرية.

وذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" التي نقلت هذا النبأ أن جميع الطلاب العرب الذين تتراوح أعمارهم بين الرابعة والتاسعة أصبحوا مجبرين على أن يدرسوا اللغة العبرية لمدة ثلاث ساعات أسبوعيًّا، ويقوم بتدريس العبرية لهم طلاب يهود من الجامعة العبرية.

واستطردت الصحيفة تقول: وقد أصبح أيضًا جميع المعلمين العرب في القدس مجبرين على تعلم اللغة العبرية، وقد أعدَّت لهم دورة خاصة يدرسون خلالها العبرية لمدة سبع ساعات أسبوعيًّا، وستستمر هذه الدورة أربعة أشهر كاملة".

وقال الأستاذ عمر بهاء الدين الأميري في محاضرة بعنوان: "الإسلام في المعترك الحضاري" (ص 27- 29) الطبعة الأولى عام 1388 الناشر دار الفتح ببيروت: "وحسبنا أن نؤكِّد أن الأحداث التي نزلت بنا وما تزال تدور رحاها في كياننا وأوطاننا منذ أواخر أعوام الخلافة العثمانية إلى اليوم العتيد والغد القريب - هي من صنْع يهودي استعماري صليبي، رأسمالي أو شيوعي، ابتداء من الدسِّ على الإسلام وأحكامه وفلسفته، ومن استدراج أبنائه إلى المروق من عقيدته وثقافته وهديه، وانتهاء بإثارة النعرات القومية المتطرِّفة، والانقلابات الدموية الهوجاء، والصراع الطبَقي الأخْرَق المصطنَع حتى آل الأمر إلى تجزئة بلاد العروبة والإسلام سياسيًّا، وزجها في معسكرات متهاترة، وإقامة إسرائيل ثم إثارة التقدمية والرجعية، واصطناع حرب اليمن الماحقة الحالقة، وما تمَّ أخيرًا في ظل انقسامات واضطرابات المنطقة والفُرقة المستحكمة بين الحكومات العربية والإسلامية من سقوط فلسطين وفي قلبها بيت المقدس والمسجد الأقصى تمهيدًا لتهويدها وإقامة هيكل سليمان فيها، وتهديدًا بها للوجود العربي والكيان الإسلامي جميعًا، عن طريق فرض تغلغلها في المنطقة والإلزام بالتعامل الحر معها.

يقول (إيرل بوغر) الكاتب الصهيوني في كتابه "العهد والسيف" الصادر عام 1965 ما نصه بالحرف: "المبدأ الذي قام عليه وجود إسرائيل منذ البداية هو أن العرب لا بُدَّ من أن يبادروا ذات يوم للتعاون معها، ولكي يصبح هذا التعاون ممكنًا يجب القضاء على جميع العناصر التي تغذِّي شعور العداء ضدَّ إسرائيل في العالم العربي وهي عناصر رجعية: رجال الدين، السياسيون القدامى، المشايخ... وغيرهم ممَّن يخسرون كثيرًا إذا سادت في المنطقة اشتراكية إسرائيل النموذجية.

وقد كان (ابن غوريون) منذ عام 1951م شديد الإيمان بالقضاء على هؤلاء جميعًا عندما طلب من الكنيست في العام المذكور أن يتحلَّى بالصبر؛ لأن السلام لن يكتب لإسرائيل ما دام العالم العربي في قبضة الرجعيين، والخطوة الوحيدة التي تؤدي لعقد الصلح مع العرب هي أن تحل في هذه الدول محل الحكومات الرجعية ديمقراطيات شعبية اشتراكية".

ونريد أن نتوقَّف هنا دقيقة تساؤل واعٍ، ننصف بها التاريخ ونرفع القناع عن أعيننا لوجه الله والحق: تُرى هل كان من المصادفات المحضَة أن الحركات الإسلامية قد نكبت وامتحنت واضطهدت واستبعدت من ميادين الجهاد في إطارات أعوام المعركة الأخيرة (1948م)؛ حيث اغتيل حسن البنا، و(1956م) حيث سبق ذلك شنق عبدالقادر عودة ومحمد الفرغلي وصحبهما، وأخيرًا (1967م) حيث كانت طليعة الأحداث شنق سيد قطب وإخوانه؟ وبقاء الإسلام سجينًا مكبلاً من خوض المعركة".

وقال الأستاذ عمر بهاء الدين الأميري في محاضرته "الإسلام في المعترك الحضاري" (ص 21- 23): "وانتهت الحرب العالمية الأولى واعتبر بعض كبار مؤرخي الغرب أن النصر الحقيقي الأكبر فيها كان بإسقاط الخلافة، وبعثرة أجزاء الإمبراطورية الإسلامية، وتقاسم أشلائها وإعلاء لا دينية تركيا.

وقد استطاع أعداء الإسلام بالتخطيط البارع الماكر الطويل النفَس المبذول له بسخاء - أن يؤلِّبوا على الخلافة أبناءها، وأن يستعينوا - لأول مرة في التاريخ - بالعرب على توهين أواصر الإسلام في ظل أوهام إقامة الخلافة العربية الإسلامية من جديد، وساعد على ذلك إذكاء الروح الطورانية بين شباب الترك، وإشاعة التخويف من تتريك العرب، وقد كانت أصابع الصهيونية تعمل عملها بمكر وخفاء حتى وقعت الواقعة، ونفذ أعداء الإسلام من هذا الصدع الهائل إلى سبل أهدافهم الخطيرة البعيدة، في التحويل الحضاري للعالم الإسلامي ممَّا يجده الإنسان المدرِك البصير كامنًا خلف كل الأحداث السياسية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية، التي توالت وتتوالى على الأمة الإسلامية، وأقحمت الفكرة القومية الغربية الجسم والروح على الحياة السياسية الإسلامية، واستُدرج لها عدد من الشباب الذين درسوا في الغرب من أبناء العرب المسلمين، كما عمل فيها بدأب وجدٍّ المثقفون من نصارى العرب في خطَّة مدروسة مرسومة بالاشتراك مع رؤوس التبشير والاستعمار، وشُجعت حركة نشر الآداب والأفكار الأجنبية، وكانت مدرسة (رفاعة الطهطاوي) في المشرق، و(خير الدين التونسي) في المغرب - من رجال البعثات العربية التي درست في بلاد الغرب قد أخذت بنشر أفكارها متأثرةً بأستاذها (سان سيمون) الذي كان ينادي بما يسميه (رهبانية العلم)، داعيًا إلى تنظيم المجتمع على أساس يحل فيه العقل محلَّ الدين، وواكبت ذلك من جهة أخرى حركة (أحمد خان) ومدرسة (عليكره) وتَبِعَتها فتنة القاديانية في بلاد الهند.

كانت هذه الأفكار تمزج بدقَّة وتدبير وبسيكلوجية ماكرة مع الدعوة إلى ما يسمى بالنهضة والتقدُّمية، والحرية والعدالة، والمساواة وتحرير المرأة، ومختلَف الشعارات التي ابتُكرت وزُوِّرت أو استُجلبت من الغرب دون أن تعني حقيقة معانيها، والتي كان يبذل قصارى الجهد والخداع لإبراز الإسلام وكأنه معادٍ لها، وساعَد على ذلك ما كان وصل إليه حال كثيرين ممَّن نسبوا أنفسهم للدين وادَّعوا تمثيله والتكلُّم باسمه من جُهَّال ومرتزقة وجامدين، بينما انزوى أكثر الصلحاء الأكْفاء من العلماء فرارًا من الفتن والتبعات الجسام".

وقال الدكتور سيف الدين البستاني في كتابه "أوقفوا هذا السرطان حقيقة الماسونية وأهدافها" تحت عنوان (موقفها من التعليم) (ص 130- 132): "أما بالنسبة للتعليم والتدخل في شؤون تنشئة الأولاد على الفوضى والتحلُّل من القيم فقد جرى على حسب البلدان التي طبقت فيها؛ إذ كان كل بلد يتطلَّب نوعًا معينًا من السلوك؛ فمرَّة باسم العلمانية، وأخرى باسم القومية، وثالثة باسم العالمية، وقِسْ على ذلك، والماسون لم يكن يهمُّهم أي شعار من هذه الشعارات كهدف ولو كان من أقدس أقداس الحضارة.

قالت نشرة العالم الماسوني عام 1879م: نحن الماسون نقف في مقدمة التعليم العلماني، وكان الماسون يفهمون أن العلمانية تعني: الإلحاد والتحلل من القيود الخلقية تحت ستار الدعوة إلى الحرية وإلى الطبيعة.

قال (فلادي) أحد أركان الماسونية: إن الانطباعات الأولى لا تزول أبدًا، وعليه؛ ينبغي تخليص الأطفال من الأديان.

وكل مَن أُتِيح له أن يطَّلع على حقيقة المدارس العلمانية التي أنشأها الماسون عرف ما يجري فيها من تحلُّل وفساد وجرائم جنسية على أيدي الشبيبة البريئة، التي تهدَّمت في نفوسها المُثُل العليا دون أن يحل محلَّها قِيَم جديدة أعلى منها؛ فانطلقت الغرائز وسببت تلك الخلاعة.

ولذا قال المسيو لامار: إن الماسونية بنشرها أسباب الفساد والخلاعة قد أضرَّت بفرنسا أكثر من الحرب السبعينية، وما هذا التناقص في المواليد في المقاطعات التي انتشرت فيها الماسونية إلا بسبب التعليم العلماني الذي ترعاه، والذي يعرِّض الناشئة لكل آفات الرذيلة.

قال المسيو كويكو: إن عدد جنايات الأحداث ينمو كل سنة بنمو التعليم العلماني.

وجاء في "مجلة المشرق الماسونية" (ص 620- 680): "إن حياد المدارس العلمانية تجاه الدين تمويهٌ باطل، وإن أصحابها لا يطلبون سوى استئصال الدين من قلوب الغربيين والشرقيين".

والماسون ينفِّذون هذه الطريقة منذ ولادة الطفل؛ فهم يعمِّدونه على الطريقة الماسونية، ويرافقون تنشئته على أسلوبهم الخاص، وكثيرًا ما يجمعون الصغار ليوزعوا عليهم الحلويات وغير ذلك مما يحبه الأطفال، ويسقونهم خمرًا أو مشروبات أخرى.
وهكذا تتعرض الماسونية لنفوس الأحداث لتنزع من قلوبهم جذور الفضيلة.

وجاء في "أقاسيا" (ص 256) عام 1904م: "إن طريقتنا السياسية هي الحرب ضدَّ الأديان وإيجاد حكومات علمانية".

وممَّا يساعد الماسونية على الاستمرار في هذه المفاسد هو سريتها التي تخفي كل هذه الشرور دون أن تتنبه الأعين الغافية إلى حقيقتها، اللهم إلا إذا كان ثَمَّت عيون لا يغمض لها جفن.

والتمسك بالفضيلة في الجمعيات السرية عادة تكون من المستحيلات، بل إن أمثال هذه الجمعيات تتحوَّل إلى ملاجئ يكمن فيها كبار الفجَرة والفاسقين، فإن معظم زعمائها هم ممَّن تجمح بهم غرائزهم فيطلقون لها العنان، بل ويجتلبون بها الأعوان ممن تجتذبهم أمثال هذه السرية والإباحية".

"ومن الماسونيين اليهود سارتر مؤسِّس المذهب الوجودي الهدَّام الذي يدعو للإباحة والفجور، ويجعل الانتحار فرضًا على مَن يستطيع إثبات وجود نفسه، ومنهم مؤسِّسو الأحزاب التي تهدم الوطن الذي تعيش فيه، وتبتر أجنحته وتدوس حقائق التاريخ تحت ستار المحافظة على كيانه وحدوده التي تخيلوها وافترضوها"[3].

"كما أن أهمَّ العوامل التي ساعدت على انتشار الماسونية طوال القرن الماضي هي المذاهب الحُرَّة التي تعتبر نتاج الفكر البشري، وأن دعاة التقدم وأنصار الفكر منذ الثورة الفرنسية اتَّخذوا دستور الماسونية الثلاثة: (الحرية، والمساواة، والأخوَّة) شعارًا لهم، إن الانتصار الذي أحرزته المبادئ الحُرَّة قد ساعد الماسونية فيما بعد على التقدم بخطوات سريعة، وإن المذاهب والأفكار الأخرى مثل الإنسانية والتجريبية واللاإدارية والمثالية والسلبية والاشتراكية قد تُقُبِّلت بحرارة المبادئ الإلهية"[4].

نشرت "صحيفة المدينة" العدد (1855) في 29/2/1390هـ بعنوان (الحث على الكفاح المتواصل ضدَّ الدين بجمهورية كازخستان السوفيتية): "شنَّت الصحف السوفيتية حملة دعائية عصبية ضدَّ الدين الإسلامي، ونشرت صحيفة كازخستان السوفيتية التي كان يحكمها المسلمون مقالاً دعت فيه إلى بذل كفاح متواصل ضد الدين ومعتنقيه".

وكتب المقال المستر إسويف عضو الحزب الشيوعي الكازخستاني، وقال الكاتب: إن واجب مجالس الحزب هو تطوير الحملة الإلحادية، ويجب تطوير المدارس التي افتُتِحت لتلقين الطلبة الأفكار الإلحادية، ويقوم النظام التعليمي الإلحادي بهذه المدارس على أساس تقديم (كورسات) لمدَّة سنتين يدرس خلالها الطالب الأفكار الإلحادية، وقال المقال: إننا نحتاج إلى تجديد الجهود العقائدية؛ لأن سكان بعض الأقاليم ما زالوا يرفضون قبول الأفكار الإلحادية ويتمسَّكون بعقائدهم القديمة.

يقول هنري فورد في كتابه "اليهودي العالمي" (ص 37) تحت عنوان (فلنسم عدونا): "انتشر الإنذار في الكليات انتشار النار في الهشيم، وقد غدا أسلوب العمل اليهودي معروفًا تمام المعرفة، يا له من أسلوب بسيط! إن الخطوة الأولى هي (علمانية) المدارس العامة، والعلمانية هي الكلمة الدقيقة التي يستخدمها اليهود للتعريف بالإجراء الذي يقوم على إعداد طفل المدرسة العامة عن طريق فرْض القاعدة، بعدم ذكر أيِّ شيء يستدلُّ منه على أن للثقافة أو للوطنية أية علاقة بالمبادئ العميقة المتأصِّلة للديانة الأنكلو - سكسونية.

أجل، من الواجب - كما يرى اليهود - الإبقاء على هذه المبادئ بعيدة عن المدارس، وكذلك من الضروري استبعاد أية كلمة قد تساعد الطفل على التعرُّف على العنصر اليهودي، وعندما تصبح التربة مهيئة على هذا النحو يغدو في الإمكان اقتحام حرَم الجامعات والكليات، والشروع في البرنامج المزدوج القائم على ازدراء جميع المفاهيم الأنكلو - سكسونية، وملء الفراغ بالأفكار الثورية اليهودية، وسرعان ما يطرد نفوذ العوام من الناس من المدارس؛ حيث يكون في إمكان العاديين من الناس ممارسة نفوذهم فيها، أمَّا في المعاهد - حيث لا نفوذ للعاديين من الناس - فيسمح للنفوذ اليهودي باقتحام الحواجز فيها، وهكذا إذا تعلْمَنت المدارس غَدَا في الإمكان تهويد الجامعات".

هذه هي الليبرالية التي يدعو إليها اليهود، ولقد تمكَّنت من تلويث مبادئ العمل والإيمان والمجتمع في النقابات العمَّالية والكنائس والجامعات، ويقوم الدليل عليها واضحًا جليًّا في كل ما يفعله اليهود ويقولونه، وتُقْنِع اليهودية نفسها بأنها تؤدِّي رسالتها إلى العالم في إيقاع هذه التأثيرات نفسها.

فالرأسمالية التي تتعرَّض للهجوم هي رأسمالية غير اليهود، والعقيدة التي تهاجم هي العقيدة المسيحية، ونظام المجتمع الأنكلو - سكسوني هو النظام الاجتماعي الذي يتعرَّض للانتقاد، وإذا ما تحطمت هذه كلها فإن تحطيمها يؤدِّي إلى مجد اليهودية.

وفي الإمكان توسيع هذه القائمة، ويمتدُّ نفوذ الفكرة اليهودية إلى ألعاب الأنكلو - سكسونيين وسراتهم وإلى وطنيتهم وإلى مفاهيمهم عن المهن الثقافية، بل ويشمل كل أفق من آفاق الحياة.

إن النضال لا يكون عادلاً إذا كانت الفكرة الأنكلو - سكسونية في الأشرطة السينمائية والمدارس والكنائس المهودة، والجامعات تُقصى عن الأنكلو - سكسونيين بحجَّة أنها (عنصرية) أو (قبلية) أو (سخيفة)، أو أية حجة أخرى تصورها بالرجعية مثلاً.

ولا تكون المعركة عادلة عندما تقدَّم الأفكار اليهودية على أنها أفكار أنكلو - سكسونية؛ لأن القائمين على تقديمها من الأنكلو - سكسونيين.

ومن الواجب أن يسمح لتراث آبائنا من الأنكلو - سكسون أن يجد له سبيلاً حرًّا ومنطلقًا فسيحًا إلى أبنائهم وآنذاك لن تتمكَّن الأفكار اليهودية من الانتصار عليه، لا على منابر الجامعات، ولا في حقول التجارة، وليس في وسع الفكرة اليهودية أن تنتصر مطلقًا إلا إذا حرم الشعب الذي تنتصر عليه أولاً من الغذاء الطبيعي القائم في ثقافته، لقد بدأت يهوذا المعركة ولقد شرعت هي في الغزو، فليأتِ هذا الغزو ولتبدأ المعركة، ولن يخاف أحد منا نتيجتها، ولكن يجب على كل منا أن يصرَّ على أن تكون المعركة عادلة، وليعرف طلاب الجامعات وقادة الفكر أن الهدف هو سيطرة الأفكار، وأنهم يمثِّلون العنصر الذي بنى كل حضارة نراها اليوم، والذي يحمل الأمل في كل حضارة للمستقبل، وعليهم أن يعرفوا أيضًا أن القوة المهاجمة يهودية"[5].

وقال الأستاذ عباس محمود العقاد[6]: "ولن تفهم المدارس الحديثة في أوربا ما لم تفْهم هذه الحقيقة التي لا شك فيها، وهي أن أصبعًا من الأصابع اليهودية كامنة وراء كل دعوة تستخف بالقِيَم الأخلاقية، وترمي إلى هدْم القواعد التي يقوم عليها مجتمع الإنسان في جميع الأزمان؛ فاليهودي كارل ماركس وراء الشيوعية التي تهدم قواعد الأخلاق والأديان، واليهودي دوركيم وراء علم الاجتماع الذي يلحق نظام الأسرة بالأوضاع المصطنعة، ويحاول أن يبطل آثارها في تطور الفضائل والآداب، واليهودي - أو نصف اليهودي - سارتر وراء الوجودية التي نشأت مضررة لكرامة الفرد، فجنح بها إلى حيوانية تصيب الفرد والجماعة بآفات القنوط والانحلال، ومن الخير أن تدرس المذاهب الفكرية، بل الأزياء الفكرية كلَّما شاع منها في أوربا مذهب جديد، ولكن من الشر أن تدرس بعناوينها وظواهرها دون ما وراءها من عوامل المصادفة العارضة والتدبير المقصود".

ويضيف الأستاذ محمد خليفة التونسي: "وقُلْ مثل ذلك في العلاَّمة (سيجموند فرويد) اليهودي الذي هو من وراء علم النفس الذي يرجع كل الميول والآداب الدينية والخلقية والفنية والصوفية والأسرية إلى الغريزة الجنسية؛ كي يبطل قداستها ويخجل الإنسان منها ويزهد فيها، ويسلب الإنسان إيمانه بسموها مادامت راجعة إلى أدنى ما يرى في نفسه.

وبهذا تنحطُّ - في نظره - صلاته بأسرته ومجتمعه والكون وما وراءه، ولو جعل الأستاذ فرويد الغريزة الوالدية (الأبوة والأمومة) هي المرجع، لكان أبعد من الشطط والشناعة وأدنى إلى القصد والسداد، وقُلْ مثل ذلك في علم مقارنة الأديان التي يحاول اليهود بدراسة تطوُّرها ومقارنة بعض أطوارها ببعض، ومقارنتها بمثلها في غيرها - أن يمحوا قداستها ويظهروا الأنبياء مظهر الدجَّالين.

وكذلك حركة الاستشراق التي تقوم على بعْث الكتب القديمة، فهي في العربية تزحم مكاتبنا بأتْفَه الكتب التي لا تفيد علمًا ولا تؤدِّب خلُقًا ولا تهذب عقلاً، فكأنما تؤسس المكاتب؛ لتكون متاحف لحفظ هذه الموميات الخالية من الحياة، والتي لا يمكن أن تحيي عقلاً أو قلبًا أو ذوقًا... وكذلك يروج اليهود كل المعارف التافهة والشهوانية والإلحادية فينا وفي غيرنا الآن"[7].

قاضي القضاة الأميركي يُوجهه اليهود:
وقد نشرت صحيفة (الكومون ننس) الأميركية الصادرة في أيلول 1962م النبأ التالي: "أعلن أن أيرل وارن قاضي القضاة الأميركي، أنه سيتوجَّه إلى إسرائيل ليتلقى في المعاهد الدينية اليهودية شيئًا عن التقاليد والتعاليم الدينية اليهودية".
وقد قام المذكور فعلاً بزيارة إسرائيل في صحبة (ابن سويق) المليونير اليهودي.

وقاضي القضاة الأميركي هذا هو الذي سعى لسنِّ قانون منع الصلاة في المدارس العامة، وفاخرت الجمعية اليهودية الأميركية بأنها كانت وراء كثير من المقرَّرات التي صدرت عن المحكمة الأميركية العليا، والقانون الذي ألغى الصلوات في المدارس العامة، فقاضي القضاة الأميركي الذي يفسر القانون لمائة وثمانين مليونًا من الشعب الأميركي يتلقى التوجيه من 3 بالمائة من الشعب الأميركي، من اليهود"[8].

وفي سنة 1952م وزَّعت الجمعية الأمريكية اليهودية في الولايات المتحدة تقريرًا سنويًّا جاء فيه: "في سنة 1950م وجهنا ضغطًا إلى العناصر القيادية والثقافية ومراكز تدريب المعلِّمين وعلى الأخص في المحافل البروتستانتية، فقد وضعنا الترتيبات بالاشتراك مع قسم الثقافة المسيحية التابع لمجلس الكنائس الوطني؛ ليصبح بإمكان الجمعية اليهودية الأميركية مد يد المساعدة، وإعداد المواد الدراسية الخاصة بالإرشاد والإسعاف النظري في البرنامج الثقافي الذي تشرف عليه المؤسسات البروتستانتية".

وفي الصفحة (43) من تقرير الجمعية الآنفة الذكر: "إن العلاقات الوطيدة التي تأصَّلت بيننا وبين فرع (الثقافة المسيحية) قد امتدَّت إلى دائرة تثقيف الجماعات المسيحية، فهذه الدائرة تستفيد كثيرًا من موارد الجمعية المادية، والمعلومات التي ترسلها بواسطة مليونين ونصف المليون من المثقَّفين البروتستانت إلى 27 مليون تلميذ وتلميذة في مدارس الأحد".

وجاء في التقرير نفسه (ص 221) ما يلي: "لقد تمكنَّا من إقناع الزعماء والمسؤولين من الوقوف إلى جانب القضايا الهامة الخاصة باليهود"[9].

وكتب برتراند راسل الفيلسوف البريطاني إلى الرئيس السوفيتي خروشوف يقول له: إن نسبة اليهود في الاتِّحاد السوفيتي لا تتعدى (1,9) بالمائة، في حين تتزايد نسبة المحكومين منهم في مختلف الجرائم، وهذا ما يجعلني أميل إلى الاعتقاد بأن اليهود عندكم لا يلقون معاملة عادلة.
وعواطف الفيلسوف العجوز نحو اليهود معروفةٌ وميوله الصهيونية وتأييده للصهيونيين ثابتة واضحة"[10].

و(أينشتين) اليهودي الصهيوني وصاحب نظرية النسبية يقول: إن حالة طائفتنا اليهودية المشتَّتة على الأرض هي ميزان للأخلاق في العالم السياسي.

وفي خطاب في العمل البنَّاء في فلسطين سنة 1931 يخاطب صهيوني الولايات المتحدة: "لقد جئت إليكم قبل عشر سنوات لأدفع بالفكرة الصهيونية قدمًا، وكان كل شيء تقريبًا يستند إلى المستقبل، أما الآن فإننا نستطيع أن ننظر إلى الوراء بسرور؛ لأن قوى الشعب اليهودي المتحدة حققت خلال السنوات العشر الماضية في فلسطين أكثر ممَّا كنَّا نتجرَّأ على الأمل فيه قبل الوقت عملاً من البناء يتوِّجه النجاح".

ثم يقول: "فلسطين ليست لنا - نحن اليهود - قضية رفاهية أو استعمار بسيط كذا؛ بل هي ملجأ ليهود الشرق، بل هي تجسيد للشعور القومي ولطائفة اليهود بأسرها التي استيقظت من جديد"[11].

وفي كتاب "إسرائيليات"؛ لأحمد بهاء الدين (ص 90- 99): "ولكن هذا كله لا يبرِّر المبالغة، ولا يبرِّر الخروج على المنطق السليم والجموح وراء الرغبة في تبرير كل ما يصدر عن اليهود، وكل ما هو يهودي ومَن هو يهودي.
ولو أدَّى الأمرُ إلى اتِّهام العالم كله والتاريخ الإنساني كله بأقسى الاتهامات.
ولكن هذا هو ما جمح إليه (جان بول سارتر) بالضبط، في هذا الكتاب الذي سوف أحاول أن أعرض بعض ما جاء فيه بعد استطراد قليل من هذه المقدمة.

وسارتر في هذا الكتاب يشرح لنا أولاً نظريته الفلسفية في الإنسان؛ ليقيم على أساسها تبريره المطلق لكل ما يصدر عن اليهود.

إن الملاحظة البارزة على هذا الكتاب هي أن سارتر كتبه بلهجة المحامي، فبالرغم من أن فيه أشياء صحيحة وعلى درجة كبيرة من ذكاء التحليل، فإن الكتاب كله مكتوب بلهجة المحامي الموكَّل للدفاع عن قضية معينة؛ فهو يشعر أن من واجبه تبرير كل شيء، والدفاع عن كل شيء، ونفي المسؤولية صغيرة أو كبيرة عن موكِّله، ولقد بالغ سارتر في نفي أي مسؤولية عن اليهود إلى درجة أنه كاد يكون (عنصريًّا) بمعنى آخر، فكما أن كراهية عنصر معين هو اتجاه عنصري، كذلك فإن نسبة فضيلة الصواب المطلق إلى عنصر معين هي أيضًا نزعة عنصرية".

يقول هنري فورد في كتاب "اليهودي العالمي" (ص 33- 35) تحت عنوان: (اليهودية في المدارس والكليات): "دأبت الأفكار اليهودية على غزو الكليات بصورة مستمرَّة، وهُوجم أبناء الأنكلو - سكسون في تراثهم وجذورهم، وأخذ أبناء البناة الأوائل من منشئي أمريكا ومؤسِّسيها يستكينون لفلسفة المخربين، ويقع الشبَّان في الأشهر المتحمِّسة الأولى من الحرية الفكرية تحت سيطرة العقائد التي تغدق عليهم الوعود دون أن يعرفوا شيئًا عن مصدرها أو حتى عن نتائجها، ويتميز الشباب بشيء من الثورية الطبعية التي تعد بالتقدم.

وفي غضون هذه الفترات من توسُّعات الشباب والنضوج يغدو الشبان تحت سيطرة التأثيرات التي تترصَّد لهم في الكليات، وقد سارت متاعب الكليات على نفس الخطوط التي شرحناها بالنسبة إلى الكنائس تمامًا؛ فهناك أولاً النقد الرفيع القائم على تحطيم إحساس الشبان بالاحترام لأسسهم العقدية القديمة، وهناك ثانيًا العقائد الاشتراكية الثورية التي ينادي بها اليهود، وتسير هاتان الخطتان في اتجاه واحد؛ إذ إنهما لا تستطيعان العيش منفصلتين عن بعضهما، ولا ريب في أنهما تحقيق للبرنامج الذي نادى به البروتوكول لتمزيق المجتمع غير اليهودي عن طريق الأفكار، ومن العبث مهاجمة تطرُّف طلاب الكليات وراديكاليتهم على اعتبار أنها من خصائص عدم النضوج.

وليس من العبث أن نظهر بأن الراديكالية الاشتراكية هي من خلق المصادر اليهودية، فالنواة المركزية للفلاسفة الحمر في كل جامعة أمريكية هي جماعة يهودية دائمًا، تضع في مقدمتها كجبهة أمامية أستاذًا مخدوعًا من غير اليهود لإخفاء صفتها الحقيقية، وكثيرًا ما يكون أمثال هذا الأستاذ من عملاء المنظمات الشيوعية في الخارج الذين يتقاضون الأموال منها.

وتؤلف هذه الجماعات جمعيات اشتراكية ذات صبغة شاملة، تضمُّ عددًا من الكليات، وتحتشد باليهود والتأثيرات اليهودية، وتدفع بالأساتذة اليهود إلى الطواف بأطراف البلاد داعين في خطبهم إلى الأخوَّة تحت ستار حماية الحقوق الجامعية والمدنية، وتكون دروس المحاضرات الجامعية حقولاً خصبة لهذه الدعايات والهدف منها إعطاء الطلاب الحماس بالاعتقاد في أنهم يشتركون في خلْق حركة عامة جديدة يمكن مقارنتها بحركة تحقيق الاستقلال، وتعتمد القُوَى الثورية التي يتزعَّمها اليهود اعتمادًا كليًّا على ما يضفيه إشراك الطلاب وبعض الأساتذة فيها على وجودها من احترام، وكان هذا الوضع سائدًا في روسيا؛ إذ يعرف كل إنسان ما أصبحت تعنيه كلمة (الطالب) في تلك البلاد، وتعمل الكلمة العبرية (شوتوكوا) في أوساط الكليات والجامعات جنبًا إلى جنب مع البلشفية في الفن والعلم والدين والاقتصاد والاجتماع، وهي تشقُّ طريقها بوضوح وصراحة عبر التقاليد الأنكلو - سكسونية، وعبر العلامات الفارقة لهذا الجيش من طلابنا، ولا ريب في أن هذا التطور قد تقوَّى واشتدَّ على أيدي أساتذتنا ورجال الدين عندنا الذين تسمَّم تفكيرهم وتحطَّم؛ نتيجة التأثيرات اليهودية الهدامة في علمي اللاهوت والاجتماع".

وقال ستالين في عام 1929: "يجب أن تكون الآداب والفنون والعلوم أسلحة في أيدي الحزب، فعن طريق سيطرة الحزب على الآداب نستطيع أن نربي مشاعر الناس، وعن طريق السيطرة على الفنون نستطيع أن نسيطر على أذواقهم، وعن طريق السيطرة على العلوم نستطيع أن نسيطر على سلوكهم.
يجب أن يكون الرأي العام مجرد انعكاس لمبادئنا وآرائنا وسلوكنا"[12].

"الماسونية هي الجمعية التي تعمل في الخفاء للاستيلاء على العالم عن طريق بثِّ أفكارها، إن غايتنا هي تطعيم أكبر مجموعة من الكُتَل البشرية بأفكارنا، وأن تقبل أفكارنا يكون مبعثًا لارتياحنا"[13].

وفي كتاب "السر المصون في شريعة الفرمسون" (ص 32): "وكأني بالماسون يردفون بقولهم: ألا ترى المدارس التي فتحها روَّاد الشِّيَع السرية في أزمير وسالونيك ومصر ومؤخَّرًا في بيروت، فإن هذه آثار للماسونية لا تنكر.

أجل؛ إن هذه المدارس التي ندعوها بالمدارس اللادينية هي ثمرة الماسونية، فنحن نقِرُّ لها بها وإن كان أصحابها لا يحبون أن ينسبوها إلى الماسونية، كما أن الماسون لا يعضِّدونها بمالهم الخاص.

وعمَّا قليل سوف تكتحل أبصارنا بتلك العلوم الباهرة التي تكشف عن عقول الشرقيين ما تسكَّعت فيه من ظلمات الجهل، كما أشرقت لنا قبلُ أنوار مدرسة (أوليفيه) و(أوجيه) فكادتا تبهران عيوننا بضيائهما الساطع".

ويقول ستالين: "يجب أن نخلق طرازًا جديدًا من النشء والرأي العام عن طريق نشر المبادئ الشيوعية على نحوٍ يجعل عقول جميع الناس متشابهة، فالعقول المتشابهة هي التي تتقبَّل سياستنا الجماعية؛ إذ يكفي أن تقنع عقلاً واحدًا بمبادئنا؛ لكي تقتنع كل العقول الأخرى ما دامت هذه العقول متشابهة ومصبوبة في قالب واحد"[14].

وأمثال هؤلاء كثيرون لا يزالون يعتبرون أن الدين أفيون الشعوب، وأن الأديان غلٌّ ثقيل يحول دون التقدم، ورجعية يجب طرْدها من ساحة السياسة والمعاملات والأخلاق ولا مكان لها إلا لدى الشعوب المتخلِّفة، ومن العجيب أن يسري هذا المرض، لا سيما للمدارس العلمانية التي تتحدَّث عن هذا مستشهدة بما فعله اليهودي الكبير والدونمة الشهير "كمال أتاتورك".

لقد ردَّد كثيرون هذا المرض غير عالمين أن اليهود يحملون على الدين - مطلق دين إلا اليهودية - منذ كانوا، وقد اغتنموا فرصة الثورة الفرنسية وضاعفوا الحملة؛ ذلك لأن اليهودي عدوٌّ طبيعي للدين إذ هو عدو طبيعي للأخلاق، ورحم الله العقاد إذ أدرك هذه الحقيقة فنشرها بقوله: إن أصبعًا من الأصابع اليهودية كامنة وراء كل دعوة تستخفُّ بالقِيَم الأخلاقية، بل قد يصول على أديان جميع العالم ومنها اليهودية تغطية ومكرًا؛ كي يهدم في نفوس سامعيه أديانهم وأخلاقهم، ضامرًا التمسُّك بتلموده يتَّخذه حجر الزاوية لبناء يقيمه على أنقاض ما يهدم، أمَّا سامعوه وكثيرًا ما رأيناهم أخشابًا مسنَّدة مضبوعة مخدَّرة عَزْلاء حتى من كلمة: لماذا؟ فقد هيَّأهم للسماع قرونًا وأقامهم له أبواقًا، ذلك لأن الدين كان ولا يزال مهما تشعَّبت طرقه وتعدَّدت مسالكه يفضي لنقطة واحدة هي مكارم الأخلاق، واليهودي يتقن هدمها تنفيذًا لغايات مرسومة.

لقد أصبح كل شيء مكشوفًا، وعرف حتى مبتدئ الطلاب أن اليهود يهدمون بلسان كُتَّابهم وفلاسفتهم عقائد جميع الناس؛ ليكون الخلود والدوام لعقيدتهم فحسب، ومَن اطَّلع على آراء (نيتشه) اليهودي طبعًا - والذي رأى الله حيًّا ثم مات - واطَّلع على كتاب سارتر "الشيطان والإله الطيب" الذي يرى الله عدمًا - أدرك المنهاج الواحد الذي يخدمه هؤلاء ولو تغايروا جنسيات وديارًا.

لقد حارب الإنجيل والقرآن الجشع والاحتكار والأنانية وإنكار الدينونة وجميع مساوئ الأخلاق، وبهذا كشف خفايا النفسية اليهودية، وكأن اليهود بحرب الأديان دافعوا عن وجودهم المادي أو ثأروا لأنفسم، نعم، حاربوا الأديان بل حملوا بعضها على حرب بعض، ونفثوا بين معتنقيها خرافات تلمودهم فادَّعوا أن الله يصارِع ويحسد، ويتأسَّف ويندم، ويتلهَّف إلى بيت يقيه الحر والقر، بل يبكي ويزأر ويطلب السماح من عبيده.

وفي كتاب "السر المصون في شريعة الفرمسون" (ص 147- 154) تحت عنوان (الماسونية والأحداث): "لكن الأحداث إذا بقوا في البيت الأبوي مشمولين بنظر والديهم، مترعرعين تحت أكنافهم نجوا غالبًا من مكايد الماسون، بَيْدَ أن الماسونية وجدت طريقة أخرى لتوقع الأحداث في حبائلها؛ فإنها منذ الثورة الفرنسية تسعى باحتكار التعليم لتكون كل المدارس في حوزتها، فتجعل كل الأحداث في قالب واحد، وتطبع فيهم صورتها القبيحة - أي الزندقة وفساد الآداب.

فالماسون أوَّل مَن أشهر على رؤوس الملأ ذلك الشعار الملتبس بقولهم كاذبة خداعة، فإن مدارس الحكومة لا تقوم إلا بنفقات عظيمة، وهذه النفقات لا يدفعها إلا الرعايا بالفرائض والأموال الأميرية التي يؤدُّونها للدولة، إذًا ليست تلك المدارس مجانية.

ثم إن العلوم ليست ملْك فرع من الناس أو خاصة ببعض الرجال، فيمكن أيًّا كان أن يتعلَّمها ويعلمها على شروط معهودة في كل أقطار العالم، فكيف يريد الماسون أن يجعلوها في أيدي العلمانيين كأنَّ أرباب الدين بمجرَّد لبسهم الثوب الأكليريكي أو الرهباني أضحَوا عاجزين عن التعليم أو غير أهل له، فدعواهم بجعل المدارس علمانية هي إذًا ظلم وجور، بل قتل لكل العلوم؛ إذ إن ثلثي التعليم في أقطار العالم في أيدي أهل الدين.

وكذا قُلْ عن مناداتهم بالتعليم الإجباري فإنه مكر وخداع أيضًا؛ إذ إن قسمًا كبيرًا من الأحداث في كل البلاد تضطرهم حالتهم البائسة إلى سدِّ عوزهم، فإذا نشؤوا وأمكنهم القيام بأوَدهم سعَوْا باكتساب رزقهم، أو فكروا بمساعدة والديهم.

وغاية ما تستطيع الدولة من ذلك أن تسهِّل الدروس على الناشئة، وترغِّبهم في العلوم وتساعدهم على إدراك غايتهم منها.

أمَّا إلزام الأحداث واغتصابهم في ذلك فاستبداد وظلم، والدليل عليه أن عدد الأحداث الدارسين في فرنسا كان أوفر قبل الثورة الفرنسية؛ حيث لم ينادِ بالمدارس الإجبارية منه في أيامنا كما بينته الإحصاءات الرسمية.

ومما لا شكَّ فيه أن (الفرمسون) بتعظيم المدارس المجانية العلمانية الإجبارية لا ينوون خير الشعب أو توسيع نطاق العلوم، بل نشر مبادئهم الكفْرية ليس إلا، وهذه بعض أقوالهم التي لا تبقي شكًّا في نياتهم السيئة.

قالت نشرة العالم الماسوني في عددها الصادر في تشرين الأول في سنة 1866 وهو التاريخ الماسوني الموافق سنة 1866م: "إن تهذيب الأحداث حجر زاوية ببنائنا الحر، فيقتضي أن ننفي من لائحته كلَّ تعليم مسيحي، فإن مبدأ كل سلطة فائقة الطبيعة ينزع عن الإنسان شرفه، فلا بُدَّ له من نبذه وتعويضه بتعليم مبادئ حرية الضمير، وعندي أن أحسن طريقة لنشر الماسونية أن تنشأ المدارس الحرة (اللادينية).

وكانت محافل بلجيكا سبقت في السنة 1863 فأعلنت مناصبتها لكل تعليم ديني، فقال محفل انفرس: إن تدخل الكاهن في التهذيب مما يعدم الأولاد كلَّ تعليم أدبي ومنطقي وعقلي، وتُعَدُّ كأعظم حاجز لنموِّ الأحداث وترقِّي قواهم تدريس التعليم المسيحي، فإن العقل البشري إذا ألقى عن عاتقه هذه الأوقار التي تضلُّه أصبح أكثر صدقًا واستقامة وأدبًا، وطلب محفل لياج أن تلغى شرائع التعليم التي كانت دولة بلجيكا جارية عليها وقتئذ، مدعيًا أنها فاسدة؛ "لأنها تمنح نفوذًا مشؤومًا لخدمة الدين وبذلك تضاد على خط مستقيم غاية الحرية".

ومثله محفل (نامور) الذي أعلن ببغضه لكل تعليم مذهبي، وطلب: "أن يكون التعليم إجباريًّا لا يهتم البتة بالديانة بل يتجرَّد عن كل أدبية - كذا"، وزاد محفل (لوفان) على ذلك بقوله: إن نفوذ الديانة الكاثوليكية يقتل في عقول المتعلمين كل تقدم ونجاح؛ لأن الفقر والجهل مؤسسان على الإنجيل - كذا.

ولم يتأخَّر شرق فرنسا العظيم عن شرق بلجيكا؛ فدونك اللائحة التي أذاعها وقتئذ في نشرته الرسمية بخصوص تعليم الأحداث:
1 - يقتضي إلزام الأب أو الأم الأرملة بدفع أولادهما قسرًا إلى المدرسة.
2 - يجب نفي كل تعليم ديني.
3 - تكتب أسماء الوالدين اللذين لا يسلمون أولادهم على لوح ويعرض جهارًا على واجهة دار الحكومة.
4 - وإذا أصرَّ الوالدان وأبوا تسليم أولادهم، يغرمون مرة أولى جزاء نقديًّا إلى حد مائة فرنك، وإذا ظلُّوا على إبائهم يحكم عليهم بالأشغال الشاقَّة من يوم واحد إلى شهر، أو بالسجن من يوم إلى خمسة أيام.
5 - وإن بقيت هذه الوسائط بلا جدوى يفصل الولد عن حكم والديه.

ولم تبقَ هذه البنود محجوبة في طيِّ المحافل الماسونية؛ فإنهم منذ خمسين سنة لم يمر على هؤلاء الأحرار عام واحد دون أن يقرِّروها ويشتغلوا في تنفيذها، ويكتبوا في جرائدهم فصولاً مطوَّلة في إثباتها أو يخطبوا في المنتديات العمومية عن منافعها.

قال الأخ (فرنكولين) في المجتمع الماسوني سنة 1879: نحن الماسون في مقدمة التعليم العلماني والجمهوري؛ فحيثما يوجد ولد أو مدرسة فهناك أيضًا يد ماسونية.

وقال الأخ (كونيو): دعوا لنا التعليم والتهذيب؛ لأن التهذيب الإكليريكي يولِّد الجهل والفقر والتعصُّب الأعمى التي بها تموت الشعوب.

وفي السنة 1881م لما سنَّ مجلس العموم في فرنسا شريعة التعليم المجَّاني العلماني الإجباري، تهلَّل (الفرمسون) فرحًا ونسبوا الفوز بها إلى مساعيهم.

قال الأخ (لوبلتيه): إن الشريعة التي سنها حديثًا مجلس العموم في التعليم المجاني العلماني الإجباري إنما هي الشريعة التي سبقنا فقرَّرناها في محافلنا منذ سنين عديدة بحرفها الواحد، فقد حصلنا أخيرًا على مرغوبنا.

وتوطيدًا لهذه الشريعة استأنف الماسون عملهم في نفي كل الرهبان والإكليركيين عن التعليم، وكان الأخ (جول فري) قائدهم في هذه الحملة، وهو أحد وزراء الحكومة، فطلب من مجلس الندوة "أن لا يسمح بالتعليم مطلقًا لأيٍّ كان من الرهبان رغمًا عن صلاحيته وتوليه الإجازة الرسمية"، وذلك هو البند السابع الذي عرف بـ(بند جول فري).

ولكن مجلس الأشراف لم يصادق عليه، فانتقم (فري) والماسون أنصاره بطرد اليسوعيين من المدارس ومعاكسة كل الرهبان في أشغالهم، فأصْلى بذلك فرنسا حربًا أهلية زاد في إسعارها خلفاؤه في الماسونية، حتى قام (روسو) وأنفذ شريعة أقبح من شريعة (فري) ألغى فيها الرهبانيات لا سيما الرهبانيات المهتمَّة بالتعليم، وأثبتها بمساعدة الماسون في سنة 1902 ومنذ ذلك الحين أقفل نحو 12,000 مدرسة للكاثوليك كان يتعلَّم فيها نحو مليون من الأولاد، لا سيما الفقراء من ذكور وإناث.

فانظر - رعاك الله - كيف ينشر الماسون أنوار العلم؟! وكيف يفهمون الحرية والإخاء والمساواة؟! فحقَّقوا ما كان سبق الخطيب الماسوني (فرند موريس) حين قال سنة 1890 (اطلب نشرة الشرق الأعظم سنة 1890 ص 505): "بعد عشر سنوات لا يتحرك أحد في فرنسا بدون حكمنا".

وكل يعرف ما كان من أمر المدارس المنشأة بدلاً من المدارس الإكليريكية، وما انتشر فيها من الفساد والخلاعة حتى توفر عدد الجرائم على يد الشبيبة بنوع مهول.

ولما وقف أساقفة فرنسا على الكتب الكفْرية التي اتَّخذها أساتذة تلك المدارس كدستور لتعليمهم الأدبي والتاريخي حرموا استعمالها تحت طائلة الخطأ المبيت.

فأقام الماسون الدعاوى على الأساقفة، واستدعَوهم إلى مجالسهم كالمجرمين، وحكموا عليهم بالجزاء النقدي، وحتى اليوم لم يخمد سعير هذا النزاع المشؤوم.
وكان (الفرمسون الألمان) سبقوا فرنسا في ضبط المدارس ونفي التعليم الديني منها.

ولما كان اليسوعيون يعدُّون في كل بلد كعقَبة في طريق الماسون، أفرغ الماسون غاية مجهودهم في نفي هؤلاء الرهبان من ألمانيا، فأظفرهم البرنس الأخ (بسمارك) بمرغوبهم بسنِّ تلك الشرائع التي عرفت باسم نزاع التمدُّن.

وكان بودِّنا أن نتتبَّع الممالك دولة دولة، فننظر ما هي مساعي الماسونية في كل بلد منها لنفي الدين، ورفْع منار الكفر؛ إلا أن هذا يطول بنا.

ونكتفي بذكر المدارس العلمانية واحتلالها في ديارنا الشرقية منذ عهد قريب، فإن أصحابها رحموا جهل الشرقيين وحنوا على عماهم، فأرادوا أن يكحلوا عيونهم بضياء تعاليمهم المثيرة فاحتلُّوا مدن الدولة العلية ومصر؛ ليبثُّوا في ظهرانينا بذور مبادئهم الحرَّة، وهم يزعمون أنهم يحترمون كل الأديان، وإنما نفَوْها من تعليمهم حبًّا بالوئام بين العناصر والملل.

وقد نشرنا سابقًا في المشرق (13: 620 و680) مقالتين، أثبتنا فيهما أن حياد هذه المدارس عن التعليم الديني تمويه باطل، وأن أصحابها لا يطلبون سوى أمر واحد هو استئصال الدين والاعتقادات من قلوب الشرقيين.

ومَن أراد زيادة علم فليراجع الكراس الذي نشرناه آخرًا في مطبعتنا "الأحكام العقلية في المدارس العلمانية اللادينية".

ومساعي الماسونية في اجتذاب الأحداث إلى مبادئ الكفر وفساد الأخلاق لم تَعُد اليوم تنحصر في المدارس، بل تتناول الأطفال منذ ولادتهم، وتتبعهم بعد نهاية دروسهم؛ لتغرس في قلوبهم تعاليمها الباطلة.

وكما اجتهدوا في هدم أركان التديُّن من قلوب الذكور، كذلك رأَوْا أن يقتلعوا من عقول الفتيات جذور الفضيلة والبر، ففتحوا لهنَّ المدارس اللادينية؛ لينلن منها التعليم المجرَّد عن كل دين.

فقام الماسوني (كاميل ساي) وابتنى بمساعدة الحكومة الفرنسية عدَّة مدارس أنثوية، نفى منها اسم الله كما سيجري قريبًا في بيروت.

أمَّا نتيجة كل هذه الأعمال فما لبثت أن ظهرت لعيون الجمهور، فإن شجرة التهذيب الماسوني أتت بعد قليل بثمار يحقُّ للماسون أن يفتخروا بها، كالاغتصابات في المدارس، وروح العصيان والتمرُّد، وانتشار الفساد في الأخلاق، والانتحارات، وغير ذلك مما كان في السابق لا ذكر له، أو يندر وقوعه بين الأحداث، وأتت الإحصاءات الرسمية كشواهد لامعة على ما يتهدَّد البلاد من الانحطاط، ولم تستطع الصحافة إلا أن تنادي بالويلات، وقد أثبتنا أقوال بعض محرريها ممن لا ينسب إليهم التعصب في الدين.

نشرت صحيفة "نداء الجنوب" في عددها (185) الصادر بتاريخ 26/12/1390 بعنوان (قرار تدريس منهج شيوعي في مدارس عدن).

خبير سوفياتي أعدَّ المنهج وأقرَّه الوزير العميل، صادقت ما تسمى بوزارة المعارف في حكومة عدن العميلة على الخطة الثلاثية (التربوية)، التي أعدَّها الخبير السوفيتي (ميخائيل ميكودا)، واعتمادها كاستراتيجية للتدريس في مدارس الجنوب العربي وحضرموت، وقال راديو عدن الذي أعلن هذا النبأ: إن هذه الخطة هي أول خطة تربوية وضعت بصورة علمية، وتضمن طرق وسائل التدريس، وكيفية رفع مستوى المنهج الدراسي عقَديًّا في جميع المراكز، ونقلت ما تسمى وكالة أنباء عدن تصريحًا للخبير السوفيتي الذي أعدَّ الخطة قال فيه: إن الخطة وُضِعت في الأساس لرفع المستوى الدراسي عقديًّا، والتوسُّع في كافة المراحل وخاصة المرحلة الابتدائية التي تعتبر حجر الزاوية في الخطة، والمعروف أن وزير المعارف (عبدالله باذيب) في حكومة عدن العميلة من أكبر العملاء الملتزمين للماركسية، معروف بشيوعيته وعمالته للاتحاد السوفيتي.
ـــــــــــــ
[1] أي: تعليم الناس الحقائق عن طريق البراهين النظرية والمناقشات الفكرية والمضاربات الذهنية، لا التعليم من طريق ملاحظة الأمثلة وإجراء التجارب عليها للوصول إلى الحقائق أو القواعد العامة، ومن شأن هذه الطريقة أن تفقد الإنسان ملكة الملاحظة الصادقة، والاستقلال في إدراك الحقائق، وفهْم الفروق الكبيرة أو الصغيرة بين الأشياء المتشابهة ظاهرًا وهي على العكس من طريقة التربية بالمشاهدة والملاحظة والتجربة ودراسة الجزئيات.
[2] "التاريخ السري للعلاقات الشيوعية الصهيونية" (ص 18- 19).
[3] "الماسونية منشئة ملك إسرائيل" (ص 95) وتحت مختصر (ص 70).
[4] "أسرار الماسونية" (ص 29) وبحث مختصر (ص 71).
[5] كتاب "اليهودي العالمي" (ص 37- 40).
[6] انظر مقدمة "بروتوكولات حكماء صهيون" (ص 77).
[7] مقدمة كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون" (ص 78- 79).
[8] "اليهودية العالمية وحربها المستمرة على المسيحية" (ص 12- 13).
[9] "اليهودية العالمية وحربها المستمرة على المسيحية" (ص 11).
[10] المرجع السابق (ص 177).
[11] "اليهودية العالمية وحربها المستمرة على المسيحية" (ص 134- 135).
[12] انظر كتاب: "اشتراكيتهم وإسلامنا".
[13] مؤتمر المشرق الأعظم الفرنسي سنة 1923 (ص 349) وكتاب "أسرار الماسونية" (ص 210).
[14] انظر كتاب: "اشتراكيتهم وإسلامنا" (ص 78).
جبهة انقاذ الوطن العربى

0 التعليقات

ضع تعليق

Copyright 2010 جبهة انقاذ الوطن العربى Designed by الجبهه