د. يسري أبو شادي خلال زيارته مكتب «النهار» في القاهرة
القاهرة - ريهام محمود |
لم يكن د. يسري أبو شادي قريباً فقط من بؤرة الملفات النووية سواء في إيران أو العراق أو كوريا الشمالية وحتى سورية.. وغيرها من الدول.. وإنما كان أيضاً مشاركاً بفاعلية بحكم منصبه ككبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة.. وهو في هذا الحوار الذي اختص به جريدة «النهار» وحل ضيفاً على مكتبها في القاهرة.. ليكشف أسرار الملفات النووية.. وكيف بدأ ملف إيران النووي في عهد الشاه وإلى أين وصل الآن. وتحدث د. ابوشادي عن مليون ورقة تركها زوج ابنة الرئيس العراقي السابق صدام حسين في حظيرة دواجن تكشف تفاصيل البرنامج النووي العراقي.. جلس وزميل له يقران ما فيها على مدار شهر كامل. يتحدث أيضاً عن خلافاته مع د. محمد البرادعي أثناء توليه منصب مدير عام الوكالة الدولية.. مؤكداً أن البرادعي كان يتجاهل التقارير الفنية لمفتشي الوكالة ويأخذ بتقارير المخابرات الأميركية.. ويصل أبو شادي إلى حد تهديد البرادعي بفضح أعماله إذا ترشح لرئاسة مصر.. وإلى الحوار: دعنا نبدأ بالملف النووي الإيراني.. كيف بدأ وإلى أين وصل.. وهل هو برنامج سلمي كما تقول إيران أم عسكري كما تؤكد أميركا؟ إيران من الدول النامية التي بدأت برنامجها النووي بقوة وعاونتها أميركا حتى أن أول مفاعل بنته كان بسعة 5 ميغاوات وكان ذلك في أواخر الستينيات، وكان قريب الشبه بالمفاعلات الموجودة في إسرائيل والاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت، وسمي مفاعل طهران وكان يمكنه تصنيع القنابل الذرية، وبعد أن وقع الشاه اتفاقية حظر نشر الأسلحة النووية وبالتحديد في بداية السبعينيات بدأ في التعاقد لبناء مفاعلات نووية أخرى ورسي العطاء على ألمانيا وبالفعل بدأت في بناء مفاعلين.. ولكن عندما بدأت الثورة الإيرانية، وجاء الامام الخميني ليوقف البرنامج النووي الإيراني وكان وقتها قد تم الانتهاء من 90 في المئة من المفاعل الأول و40 في المئة من المفاعل الثاني حيث أنه لم يكن متحمسا للبرنامج النووي الإيراني واعتبره ضد الدين الإسلامي لما به من فناء شامل للبشرية. ولكن بعد وفاة الخميني أعاد الإيرانيون فتح الملف النووي من جديد وتعاقدوا مع الاتحاد السوفيتي ثم روسيا لاستكمال المفاعل الذي كان قد توقف في نهاية مراحله والذي تعرض لمشاكل أثناء الحرب مع العراق، واستكملت روسيا المفاعل الإيراني، وفي أواخر التسعينيات وجد الإيرانيون أن اعتمادهم على الغرب في الوقود النووي صعب لسوء علاقاتهم مع معظم الدول الغربية فقرروا تنفيذ كل مراحل دورة صناعة الوقود النووي كاملا بكل مراحله بنفسهم بداية من المناجم إلى استخلاص اليورانيوم من المنجم إلى تكوين اليورانيوم الغازي إلى التخصيب إلى المفاعلات وحتى استخلاص البلوتونيوم، وبدأت إيران من أواخر التسعينيات بالتعاون مع شبكات سرية في العديد من الدول ومعظمها دول غربية إحداها عضو في الاتحاد الأوروبي، ودولة أخرى لها وضعيتها الحيادية، فضلاً عن دولة متقدمة صناعياً في إفريقيا، وهذه الشركات أدارت ملف توفير احتياجات إيران النووية وبنتها وحدات طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم وقاموا بالتدريب عليها ثم بدأوا في تصنيع وحدات مماثلة لها. وأين دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مراقبة البرنامج الإيراني؟ في أواخر عام 2002 أعلنت إيران أن لديها برنامجاً نووياً، وطلبت من الوكالة الدولة للطاقة النووية القدوم للتفتيش فوجدت اليورانيوم المخصب وإن كانت نسبته محدودة وكان لديهم مركزان للتخصيب أحدهما تجريبي والآخر صناعي وهذا الأخير كان به آلاف من وحدات الطرد المركزي الذي يقوم بتخصيب اليورانيوم ومن هنا بدأت المشاكل مع الوكالة لأنها وجدت وحدات بها تخصيب عالي، ولكن إيران أعلنت أن هذه الوحدات لم تقم هي بتصنيعها وإنما حصلت عليها عن طريق الاستيراد، وهذا الأمر استغرق سنوات لإثبات صحته إلى جانب بعض المشاكل ما بين عامي 2007 و2008، وأعلنت الوكالة أن إيران لا تملك برنامج عسكري نووي وتم حل مشاكلها مع الوكالة، ولكن في هذا الوقت خرجت المخابرات الأميركية بتقرير يؤكد أن إيران لديها برنامجاً عسكرياً نووياً وأنها تجري تجارب على الحروب النووية وإن كانت بأسلحة غير نووية تمهيدا لاستخدام قنبلة ذرية، وأن إيران تطور صاروخ شهاب 3 قادراً على حمل قنبلة نووية، ولكن هذا التقرير كان غير منطقي ومع الأسف مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية د. محمد البرادعي في ذلك الوقت اعتمد التقرير الأميركي ولم يأخذ بالتقرير الذي أعده مفتشو الهيئة التابعون له. والحقيقة أن البرادعي كان يعتمد دائماً على تقارير المخابرات الأميركية رغم أن لديه تقاريره الفنية الدقيقة، وهو يعلم أن تقارير المخابرات الأميركية مسيسة وليست فنية. ولكن ماذا عن البرنامج النووي الإيراني في الوقت الراهن.. وهل لدى إيران القدرة على تصنيع قنابل ذرية؟ حتى الآن لا يمكن الجزم بما إذا كان التوجه الإيراني النووي لأغراض سلمية أو عسكرية، ولكن المؤكد أن القدرات النووية الإيرانية عالية جدا، وإيران تستطيع تملك مواد لصنع قنابل ذرية في غضون سنة من الآن، فإيران بدأت في تصنيع يورانيوم 20 في المئة وفي يوم وليلة نجحت في إخراج بعض الغرامات من الوقود، وبعد شهر أصبح لديها بعض الكيلوغرامات، وبعد سنة تم إنتاج نحو 40 كيلوغرام من اليورانيوم وإن كان تركيزه لم يصل إلى 90 في المئة، وهذا ما يحتاجه صنع القنبلة الذرية، ولكن وبالقياس لما استطاعت إنجازه خلال الفترة السابقة وبهذه السرعة يدل على أنها تستطيع في غضون سنة الوصول لصناعة القنبلة. وكيف تصف التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة النووية؟ حتى عام 2008 كانت علاقة هادئة بلا أي مشاكل، رغم القلق الأميركي والإسرائيلي، وقلق بعض الدول العربية بشأن الملف النووي الإيراني، ولكن مع بداية 2008 تغيرت طريقة د. محمد البرادعي والوكالة كلها مع إيران، وبدأت التقارير الأميركية تظهر ضمن تقارير الوكالة والتي لم يكن لها أي أدلة لتدعمها.. واشترطت الوكالة على إيران التخلص من كل وقودها الناتج من مفاعلاتها لكن إيران رفضت ذلك لتشغيل مفاعل طهران القديم، ولدى إيران مفاعل ماء ثقيل قرب على الاكتمال وهو بقوة 40 ميغاوات ويمكنه تصنيع قنابل ذرية، ولا شك أن إصرار إيران على التمسك بهذا المفاعل أمر يثير الريبة في النوايا الإيرانية لأنه حتى الآن لا يمكن الجزم بأن إيران ستنتج أسلحة نووية، صحيح هي تمتلك القدرة الآن على ذلك ولكن ليس ثمة دليل حقيقي على أن الخيار الإيراني هو إنتاج أسلحة نووية، ويظل مفاعل الماء الثقيل أحد العوامل المهمة التي يعتبرها البعض دليلاً على توجه إيران نحو إنتاج وتصنيع الأسلحة النووية، وهناك مفاعل آخر وإن كان هذا المفاعل يواجه بعض المشاكل والتي قد تستمر لعدة سنوات حتى يمكنه تصنيع يورانيوم عالي التخصيب، أما خط البلوتونيوم لديهم فأمامه ما لا يقل عن 6 سنوات وهذا يعد خطر آخر إذا أخذت إيران قرار تصنيع السلاح النووي ولكن تقديراتي الشخصية تؤكد أنه من الصعب اتخاذهم مثل هذا القرار. في ظل عدم الوضوح الكافي للنوايا الإيرانية تجاه تصنيع أسلحة نووية، هل تعتقد أن إيران قد تتعرض لضربة عسكرية تستهدف مفاعلاتها النووية؟ هذا هو الخطر الحقيقي الذي قد يهدد المنطقة، فإذا أقدمت إسرائيل أو الولايات المتحدة على ضرب ايران فلن يكون أمام إيران سوى خيار وحيد وهو المضي قدماً في إنتاج الأسلحة النووية والانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، لأن هذه المعاهدة تعطي الدول الموقعة عليها حق الانسحاب منها خلال 3 أشهر إذا ما تعرض أمنها القومي للخطر، وفي حال تلقي إيران ضربة عسكرية فالمؤكد أنها ستنسحب من المعاهدة وتنتج أسلحة نووية لحماية أمنها القومي. ولكن الضربة العسكرية قد تجهض البرنامج النووي الإيراني.. فضلاً عن تدمير البنية الأساسية في إيران.. بخلاف الضحايا من المدنيين؟ نعم هذا صحيح، والأمر في هذه الحالة يتوقف على مدى نجاح الضربة العسكرية إذا ما قررت أميركا القيام بها أو تكلف إسرائيل أو الناتو (حلف شمال الاطلسي) بذلك وبالفعل سيكون هناك ضحايا. وما الحل؟ الحل في الشفافية الكاملة التي يجب أن تتحلى بها إيران وذلك من خلال توقيع البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وهو البروتوكول الذي يتيح لمفتشي هيئة الطاقة الدولية حرية التفتيش المفاجئ في أي مكان لإثبات أنه لا يوجد جانب سري في الملف النووي الإيراني. ولكنك تفترض هنا أن إيران ليس لديها توجه نحو إنتاج الأسلحة النووية؟ هذا هو تقديري حتى الآن، ووفقاً لما هو متاح من معلومات فنية في هيئة الطاقة الدولية، أما ما تعلنه المخابرات الأميركية فهو لا يعنيني، وليس ثمة أدلة فنية تؤكده. وماذا عن العراق؟ تأتي العراق في مقدمة الدول التي اهتمت بالملف النووي وبدأت أيضا في الخمسينيات لكن كان برنامجها الذري قوياً، وتعد العراق هي أول دولة عربية توقع وتصدق على اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية، وكانت سريعة ويبدو أن العراقيين كانوا يعتبرون أن هذه الاتفاقية شكلية لأن كان لديهم برنامج نووي سري بعد أن بنوا مفاعلاً ذرياً فرنسياً للأبحاث بسعة 40 ميغاوات وكان مفاعلاً قوياً يمكنه إنتاج أسلحة نووية، كما استقدموا من ايطاليا معامل معالجة استخراج البلوتونيوم، لكن إسرائيل تنبهت لذلك واتخذت إجراءاتها والتي تمثلت أولها في اغتيال المسؤول الرئيس عن المشروع وهو العالم المصري د. يحيى المشد عام، ودمروا غلاف المفاعل في مرسيليا قبل وصوله العراق، ودمروا معمل المعالجة الإيطالي وبرغم هذا أكملت العراق عملها مما دفع إسرائيل إلى تدمير المفاعل نفسه عام 1981 ولكن هذا أيضا لم يوقف تقدم العراق في برنامجها النووي بل جعلها تبدأ في برنامج نووي سري لتخصيب اليورانيوم لكن نتيجة استعانة العراق ببعض الخبراء الأوروبيين والشبكات الأوروبية والأميركية انكشفت توجهات العراق النووية، ولذلك حرصت قوات التحالف الدولي التي حررت الكويت على ضرب الأماكن التي عرف أن بها منشآت سرية لتخصيب اليورانيوم وعمل الأبحاث الذرية مثل ترنية وتويسة، وكان أمام العراق خطوات بسيطة للقنبلة الذرية وتم تدمير البنية التحتية العراقية من منشآت ومصانع وكنت وقتها كبير مفتشي وكالة الطاقة الذرية على رأس لجنة تفتيش العراق وأتيحت لي الفرصة للاطلاع على كل ملفات البرنامج النووي العراقي عندما هرب زوج ابنة صدام حسين وترك وراءه مليون ورقة سرية في حظيرة للدواجن تتضمن كل تفاصيل البرنامج النووي العراقي وظللت أنا وزميل لي نقرأ هذا الورق لمدة شهر كامل، وكان يضم الورق كل أسلحة العراق النووية والكيماوية والبيولوجية. ماذا كان في هذه الأوراق؟ كانت تحوي تفاصيل البرنامج النووي العراقي وأسماء الشركات التي تساهم في هذا البرنامج، وكما قلت بعضها أوروبي وبعضها أميركي، وكذلك خطوات إنتاج الأسلحة النووية، كانت تتضمن كل التفاصيل، وكان الهدف من البرنامج كما كشفت الأوراق إقامة توازن نووي عربي إسرائيلي في امتلاك إسرائيل لأسلحة الدمار الشامل، وهذا ما أتاح لمفتشي هيئة الطاقة النووية كل المعلومات الخاصة بأماكن وقدرات المفاعلات، لتدميرها بالكامل بما في ذلك تلك التي كانت مخصصة لأغراض غير تسليحية إذا كان يمكن تطويرها لإنتاج أسلحة نووية. يقال إن د. البرادعي أعطى لأميركا الفرصة لدخول العراق وتدمير برنامجها النووي عن طريق التقارير التي قدمها هل هذا صحيح؟ هذا بالفعل ما حدث، لكن لابد في البداية أن نفرق بين العراق عام 1991 والعراق عام 2003، فعندما دخلت أميركا العراق 1991 كان هدفها الرئيسي هو تدمير البرنامج النووي العراقي بالكامل وتوصيل العراق إلى مرحلة الصفر نوويا.. كما أوضحت سابقا، فكانت هناك مجموعات من المفتشين لتدمير لكل الأجهزة النووية العراقية تماما سواء السلمية أو غير السلمية وهذا ما تم بالفعل، وكانت العراق وقتها تقترب من قدرتها على تصنيع القنبلة الذرية. أما عام 2003 عندما تم ضرب العراق بحجة أن العراق أعاد إحياء برنامجه النووي من جديد - ووقتها لم تكن لدى العراق أي قدرات نووية، والوكالة هي أعلم الجهات بذلك - حاول د. محمد البرادعي - مدير الوكالة وقتها - أن يشير بشكل غير مباشر إلى أن العراق بها مفاعلات نووية وتمسك بالسؤال عن قرار البرلمان العراق بإنهاء البلاد للبرنامج النووي تماما وما يفتح الباب لإمكانية وجود برنامج سري نووي بينما والواقع والأدلة كانت تؤكد عدم وجود أي برامج نووية في العراق، ووقتها دخلت في خلاف كبير مع د. البرادعي على هذا الأمر حيث كنت متأكدا أن العراق ليس به أي برامج نووية من أي نوع حتى وصلت معه لحل وسط وهو أن نضع في نهاية التقرير الذي سيقدم لمجلس الأمن لرفع العقوبات عن العراق والجملة تقول : أن هذه الأسئلة لن تؤثر على مفهوم الوكالة في أن العراق ليس به أي برامج نووية، لكن ما حدث أن هذا التقرير ظل مختبئاً في أدراج مجلس الأمن ولم يظهر إلا من 3 شهور فقط وكان هو السبب في رفع العقوبات عن العراق أخيرا بعد كل ما حدث بها. وأنت ترى أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة كان مبرراً لأميركا للادعاء بأن العراق يمتلك قدرات نووية.. وهو السبب المعلن للضربة العسكرية التي وجهتها أميركا للعراق؟ نعم بالتأكيد، فالولايات المتحدة أعلنت أن ضرب العراق يستهدف تدمير أسلحة الدمار الشامل، وعندما دخلت القوات الأميركية العراق لم تجد أي أسلحة دمار شامل سواء نووياً أو بيولوجياً أو كيماوياً، والواقع أن أميركا كانت قد حسمت قرارها بضرب العراق وكانت تبحث فقط عن ذريعة، ووجدت هذه الذريعة في تقرير الوكالة الدولية وهو أساساً تقرير المخابرات الأميركية الذي اعتمده د. البرادعي أثناء توليه إدارة الوكالة، وأخفى التقرير النفي لمفتشي الوكالة، والذي ظهر مؤخراً كما قلت وبناء عليه تم رفع العقوبات على العراق. وهل تعمد البرادعي أن يقلب الحقائق ويوجه الأنظار إلى أن العراق يفتح ملفه النووي من جديد؟ البرادعي له أخطاء عديدة وجسيمة في ملفات متعددة لدول كلها ضد أميركا وليس العراق فقط، وهذا ما جعلني ألوح له من بعيد بفتح كل ملفاته المليئة بالأخطاء في حق دول كثيرة، وأرسلت له رسالة فحواها أن الخط الأحمر بالنسبة له عندي هو ترشحه للرئاسة في مصر فهو حتى الآن أعلن فقط عن نيته للترشح، لكن إذا أقدم بالفعل على ترشحه سأفتح كل ملفات البرادعي أمام الجميع. فهو بالفعل يتعمد قلب الحقائق وقام بتوريط العديد من الدول في ملفات نووية غير حقيقية، يكفي أن جميع التقارير التي يخرجها تأتي لخدمة المصالح الأميركية فلم يكتب تقريرا يوما ضد حلفاء أميركا ولم ينظر في أي ملفات بشكل حيادي فكل التقارير التي كان يخرجها كانت مسيسة ويقلب فيها كل الحقائق، وهناك كثير من الملفات غير الملف العراقي وإن كان هذا الملف أسوأها لما نتج عنه من ضحايا كثيرين من العراقيين الأبرياء وأنا أعترف أن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش كان سيضرب العراق في كل الأحوال، ولكن هناك فرقاً كبيراً بين ضربه للعراق بلا أي ذريعة ملموسة وبين أن يضربها وهناك تقرير يشير إلى وجود استعداد لصناعة أسلحة نووية، فالبرادعي أعطى بوش هذه الذريعة. ننتقل إلى الملف النووي في كوريا الشمالية وكنت مسؤولاً مباشرة عن هذا الملف؟ هذا الملف أيضاً دليل جديد يؤكد دور د.البرادعي في قلب الحقائق فلقد خلق دولة نووية من لا شيء، فكوريا الشمالية في بدايات التسعينيات وفي الوقت الذي ادعت فيه الوكالة أن مفاعل كوريا النووي لديه القدرة لإنتاج بلوتونيوم لتصنيع قنبلة أو اثنتين ذريتين لم يكن لديها القدرة لعمل أي أسلحة نووية، ولقد قمت بتأكيد ذلك في العديد من التقارير التي قدمتها للوكالة حيث أنها كانت تحت التفتيش في هذه الفترة وكان د.البرادعي في المقابل يقدم تقاريره الضعيفة فنيا والتي تعكس وجهة نظر الأميركان ضد كوريا الشمالية، مما دفع كوريا الشمالية إلى التفكير الفعلي واستعدت بالفعل وأصبحت الآن تمتلك القدرة الحقيقية لتخليق قنابل ذرية، والسبب في ذلك طريقة تعامل مدير الوكالة معها والمشاكل التي افتعلها معها.. كذلك في أواخر 2002 أعلن السفير الأميركي أن حكومة كوريا الشمالية أكدت له أن لديها سلاحاً نووياً وأنهم يقومون بتخصيب اليورانيوم، وتخرج الحكومة الكورية لتكذب هذا الكلام مؤكدة أنها فقط أعلنت عن قدرتها على التحضير لسلاح نووي في حالة إعلان أميركا أن لديها سلاحاً نووياً مما خلق أزمة بين أميركا وكوريا الشمالية حيث أوقفت أميركا ما تصدره لها من بترول مما أثر على طاقتها الكهربية، وحاولت أنا الإصلاح بينهما دون جدوى، مما دفع كوريا بشكل اكبر لتهتم بملفها النووي. ولكن الواقع النووي في كوريا الشمالية أصبح حقيقة ما يعني أن البرادعي كان على صواب؟ دعونا نرتب الأحداث، فلم يكن لدى كوريا الشمالية قدرات على إنتاج الأسلحة النووية، بينما كانت تقارير المخابرات الأميركية تقول بعكس ذلك وهو ما أخذ به د. البرادعي في تقاريره، وهي التقارير التي أدت لتوقيع عقوبات على كوريا الشمالية ومنها حرمانها من البترول الذي تعتمد عليه لتشغيل محطات الكهرباء، فاتجهت كوريا للبرنامج النووي. كانت هناك مشكلة أيضاً لسورية مع الوكالة الدولية في ظل ادعاءات بوجود برنامج نووي سوري؟ بدأت المسألة عندما قدمت أميركا شكوى ضد مبنى في سورية مدعية أنه مفاعل نووي مماثل لما هو موجود في كوريا الشمالية وكانت تستعد سورية لتشغيل هذا المبنى في أغسطس 2007، ولكن في سبتمبر 2007 قصفت إسرائيل المبنى بالصواريخ والطائرات ودمرته، وأكملت سورية على المبنى لتبني مفاعلاً جديداً، وبعد 8 شهور من قصف المبنى تقدمت أميركا بشكوى أن هذا المبنى كان الغرض منه إنتاج أسلحة نووية، والغريب أنهم لم يشككوا في الغرض من بناء المبنى الجديد. وأعلنت الوكالة عن إرسال وفد للتفتيش في سورية والتحقق من الشكوى الأميركية فطلبت الذهاب ضمن اللجنة لأنني أكثر شخص في العالم يحفظ المفاعل النووي الكوري الذي تدعي أميركا أن المفاعل السوري يشبهه، ولكن أرسل د.البرادعي وفداً غير مؤهل فنيا ومنهم نائبه المشبوه وتخصصه خبير في الأسلحة الكيماوية وليست الذرية وهو (أولي هاينو ) الذي استقال بعد أن ترك البرادعي الوكالة، وتم أخذ عينات بيئية وتم إرسالها إلى فيينا وكان المتعارف عليه أن يتم فحص العينات من قبل ثلاثة معامل مختلفة، وبعد عدة شهور بالتحديد في سبتمبر 2008 خرج التقرير معلنا عدم وجود شيء في العينات ولكن في نهاية التقرير كلمة (حتى الآن)، ثم تم الإعلان عن وجود جزيئات من يورانيوم طبيعي، وهذا كلام علميا غير منطقي لأن معنى أننا أخذنا عينات من مفاعل تم تدميره أن هناك عشرات من الأطنان من اليورانيوم في المفاعل فعلميا يمكننا أن نجد بودرة وليست جزيئات فقط كما أعلن، وهناك أمر آخر وهو أن هذا المفاعل هيكله من الغرافيت فلابد أيضا أن نجد مئات الأطنان من مخلفات الجرافيت مهما تم تنظيفها والعينات التي أخذها لم يثبت فيها وجود غرافيت وهذا أيضا غير علمي، وطالبت بوقف هذا التقرير لأنه منحاز وخاطئ فنيا فمن المستحيل أن نجد يورانيوم ولا نجد غرافيت وهذا في حد ذاته يثبت عدم مصداقية التقرير، ووقتها كنت قد قدمت استقالتي وهددت بإخراج كل الحقائق، فأرسل لي ردا في منتهى السوء وهو أن سورية ليست من اختصاصاتك، ولكن هذا الكلام يجانب الصحة، فليس معنى أنني في الوكالة مسؤول عن تقديم تقارير عن الدول الأوروبية أن سورية ليست تخصصي لأنني تدخلت واعترضت كشخص فني استفزته المغالطات العلمية التي احتوتها التقارير المقدمة، وبالفعل بدأت أعلن اعتراضي في وسائل الإعلام والصحف بصفتي الشخصية وليس كخبير أو مسؤول بالوكالة، وتصريحاتي أثارت ضجة عالمية وتقدم د.البرادعي ومساعده بشكوى ضدي بأنني قد خالفت قواعد وقوانين الوكالة، ورفضت الرد كمتهم وقطعت الورقة الموجهة لي فقام الموظف المسئول بإخطاري بالشكوى بشكل مختلف يكفل لي حرية حق الرد، وكان قد تم تأييدي مما يسمى (مجلس أعضاء الوكالة)، وظل التحقيق مفتوحا أربعة شهور وخرج التقرير النهائي بأنني لم أخالف قوانين وقواعد الوكالة. كيف ترى مجال التعاون العربي في إنتاج الطاقة النووية السلمية؟ الخريطة النووية العربية مازالت محدودة للغاية بالرغم من أن هناك عدداً كبيراً من الدول العربية التي كانت لها برامج نووية بدأت منذ زمن طويل منذ أكثر من خمسين عاماً ولكن لظروف خاصة لم تكتمل أو لم تتطور.. وتأتي مصر على رأس هذه الدول حيث أنها أول دولة عربية تهتم بالملف النووي منذ أكثر من خمسين عاماً ولكنها لظروف مختلفة أرجأت هذا الملف حتى الآن. وماذا عن دور هيئة الطاقة العربية في مجال تفعيل التعاون العربي النووي؟ هذه الهيئة قائمة بالفعل وهي إحدى الهيئات التابعة لجامعة الدول العربية ومقرها تونس ويرأسها د. محمود بركات، ولكن ليس لها أي دور إطلاقاً، وقد يرجع هذا إلى خوف المنطقة العربية من المضي قدماً في استخدام الطاقة النووية، لأنها لم تقدم عليها وعدم النظر للطاقة النووية السلمية على أنها حل حتمي للمستقبل القريب، بعد نضوب البترول والغاز ومع ذلك فقد بدأت بعض الدول العربية في الاهتمام بالطاقة النووية ولاسيما الإمارات والكويت، وقد قطعت الإمارات شوطاً مهماً، حيث بدأت فعلياً في إقامة 4 محطات نووية سلمية، وستبدأ تشغيل أول محطة عام 2017، وافتتحت قسم الهندسة النووية في إحدى الجامعات الإماراتية. وماذا عن البرنامج الكويتي.. وباقي الدول العربية؟ الكويت لديها برنامج متميز لاستخدام الطاقة النووية في توليد الطاقة الكهربية ويستعدون لعمل هيئة للطاقة ورئيسها د. أحمد بشار وأنا على علاقة طيبة به، وقدمت لهم بعض النصائح في هذا المجال كما أنهم استعانوا الفترة الأخيرة بمستشار أجنبي ليدرس المواقع الأكثر صلاحية لتوليد الطاقة الكهربية وهي تسير بخطى سريعة في هذا المجال، تأتي بعد ذلك المملكة العربية السعودية، وتستعد الأردن لبناء محطتين لتوليد الكهرباء من خلال الطاقة النووية وكذلك ليبيا والجزائر وسورية والسودان.. وأتمنى أن نرى تعاوناً عربياً حقيقياً في المجال النووي، لاسيما ومصر تمتلك خبرات عريضة في هذا المجال تمتد لأكثر من نصف قرن، ومنذ سنوات طويلة كان عالم مصري هو د. يحيى المشد هو أحد قيادات البرنامج النووي العراقي قبل أن تغتاله المخابرات الإسرائيلية في باريس، والمعنى أن هذه الخبرات والعقول العربية يمكن أن تتلاقى وتتعاون تحت أي مظلة لتفعيل التعاون العربي في مجال الطاقة النووية السلمية. تحدثنا عن التجربة المصرية في إنتاج الطاقة النووية السلمية قبل خمسين عاماً.. ما الأسباب الحقيقية في رأيك لتأجيل هذا الموضوع أكثر من مرة؟ مصر بدأت خطواتها النووية الأولى في عهد الرئيس جمال عبدالناصر حيث كان يتولى بنفسه رئاسة هيئة الطاقة الذرية، وأقيم أول مفاعل نووي مصري كان في انشاص عام 1961 وعندما بدأت روسيا في بناء مركز الأبحاث النووية، شرع عبدالناصر في إعداد كوادر مصرية متميزة في مجال الطاقة الذرية وأرسل العديد من المصريين للتدريب في الخارج وكان على رأسهم العالم المصري الجليل د. يحيى المشد الذي اغتيل في باريس على يد إسرائيل كما قلت. فكان هناك طموح مصري كبير في مجال تطوير الطاقة النووية سواء في استخداماتها السلمية أو حتى غير السلمية، خاصة أنه لم يكن هناك ما يمنع ولم تكن هناك قيود على الدول للمضي قدما في تطوير الملف النووي، فلم تكن هناك بعد اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية، وقد استطاعت إسرائيل استغلال ذلك وطورت برنامجها النووي، لكن مصر لم تكمل مشوارها في تطوير برنامجها النووي فواجهت العديد من المشاكل التمويلية في بداية الستينيات ودخلت حرب عام 1967 ثم حرب عام 1973 وكل هذا أدى إلى توقف المشروع النووي حتى جاءت اتفاقية السلام وحاول السادات إعادة فتح الملف النووي فواجهته مشكلة عدم تصديق البرلمان المصري على اتفاقية منع نشر الأسلحة النووية التي وقعها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1969 دون أن يصدق عليها البرلمان حتى نجح السادات في الحصول على تصديق البرلمان عام 1981، لأن مصر في هذا الوقت كانت في أمس الحاجة للطاقة النووية لاستخدامها في توفير الطاقة الكهربية والمياه خاصة أن أميركا تخلت عن مصر في هذه الفترة وربطت بين المساعدة في إقامة محطات نووية لإنتاج الكهرباء وبين تصديرها لإسرائيل التي رفضت لعدم حاجتها لطاقة نووية، ولأنها كانت تخشى من أن تحول مصر مفاعلات إنتاج الكهرباء إلى الاستخدامات العسكرية بما تملكه من خبرات في هذا المجال، ووقتها تأكد الرئيس السادات من أن هذا الخط قد أقفل فبدأ في الاتجاه لأوروبا وكانت مصر على وشك البدء في إنشاء محطة نووية مع شركة أوروبية، ولكن حدث ما حدث من اغتيال السادات، ثم جاء حادث انفجار المفاعل النووي تشرنوبل والذي كان السبب أو الحجة التي استخدمها الرئيس حسني مبارك لوقف العمل في المحطة. وكان لهذا القرار تأثير بالغ على مصر، فكان هذا خطأ جسيماً وأحد أبرز الأخطاء التي وقع فيها النظام المصري السابق، فهذا ما جعل مصر تعاني الآن من نقص في الطاقة. هل هناك خطورة حقيقية مما حدث في اليابان من تضرر المفاعلات النووية نتيجة الزلزال المدمر وفيضان تسونامي اللذين اجتاحا اليابان مؤخرا؟ تعرضت اليابان لكارثة حقيقية بهذا الزلزال الذي يعد الأقوى في تاريخ اليابان.. وإن كانت المفاعلات النووية لم تتأثر به في حقيقة الأمر غير أن شبكات الكهرباء الرئيسية انقطعت فلم يعد هناك توريد للكهرباء العامة، وتوقفت كل المفاعلات الموجودة في منطقة فوكوشيما، ولم تعد هناك تفاعلات نووية من الأساس، لكن مع الأسف مع انقطاع الكهرباء توقف التبريد لأن عند توقف المفاعلات أصبح الوقود ساخنا ويحتاج للتبريد فبدأوا في استخدام المولدات وكل محطة بها حوالي 4 مولدات، ولكن أتى تسونامي ليدمر المولدات نفسها فاستخدموا البطاريات، ولكن البطاريات لم تعمل بكفاءتها الكاملة فبدأت كفاءة التبريد نفسها تتأثر في كل المفاعلات، فحدثت الانفجارات التي رأيناها لكنها غير ضارة، وإن كانت هناك بعض التأثيرات المحدودة على جسم المفاعل الثالث، ولكن الغريب في الأمر أن المفاعل الرابع وهو كان متوقفا وقلبه فارغا الوقود المستهلك تحته اشتعل وهذا من المحتمل أن تكون هناك تسريبات منه ولكنها أيضا غير ضارة، وإن كان الخطر لازال قائما، والقلق الحقيقي أن تأخذ أبعاداً أكبر على مستوى العالم، فلابد أن نوضح أنه حتى الآن لم يتأثر شخص واحد من أي تسريبات إشعاعية كل المفقودين والضحايا من الزلزال وتسونامي فقط.. فهناك دول تفكر في وقف برامجها النووية مثل ألمانيا وإيطاليا. وماذا عن شبكات الربط الكهربائي العربي؟ هناك شبكة كهربية بين مصر والسعودية ثم الأردن ولبنان وتركيا، هذه الشبكة مهمة ولكن غير مكتملة وبالمناسبة أنني في السنوات الأخيرة أركز بشدة في دراساتي على الطاقة الكهربية، وقد نبهت للأزمة الكهربية المصرية، وكانت احد الحلول التي قدمتها للحكومة المصرية هي شبكة الشرق الأوسط الكهربية، وأسميها شبكة الشرق الأوسط لأن تركيا مشتركة فيها وهي دولة غير عربية، والتي أساسها مصر وعندما درست التفاصيل مع تلامذتي وجدت أن مصر تصدر أكثر مما تستورد، الحقيقة أنه لا مانع من التصدير ولكن في أوقات عدم الذروة وهو أثناء الشتاء، لأننا نعاني صيفا من نقص الكهرباء وهو الحمل الأقصى لمصر نجد أننا نعاني في هذه الفترة وكان لابد أن نستورد في هذا التوقيت من الدول التي تشاركنا في الشبكة الكهربية ولكن هذه الدول لديها نفس الأزمة ونفس وقت الذروة مثلنا هو الصيف وكان اقتراحي هو الاستفادة من تركيا في هذا حيث أنها لديها خطاً آخر للكهرباء تتشارك فيه مع أوروبا، فمن الممكن توصيل خط كهربي بين مصر وأوروبا عن طريق تركيا ليسمح لنا باستيراد الكهرباء من أوروبا على الأقل وقت الذروة، فقد يكون سعره مرتفعا قليلا لكنه سيكون أفضل من الظلام. نتحدث عن مشاكل الطاقة المصرية؟ العام الماضي حذرت من نقص في الكهرباء في الصيف لأن صيانة توربينات السد العالي كانت تتم في الصيف، وبالفعل خرج وزير الكهرباء واعتذر العام الماضي عن هذا الخطأ عندما بدأت تنقطع الكهرباء، إلى جانب ذلك أحذر من دخول مصر في أزمة جسيمة وهي احتمال دخول مصر في الظلام هذا الصيف والسبب أن صيانة التوربينات بالسد العالي بدأت هذا العام في الشتاء لكن بدأوا في ديسمبر وهذا يعتبر موعداً متأخرا، لكن الأخطر أن من يقوم بالصيانة خبراء أجانب من أميركا ولأن خمسين عاماً خبرة مصرية في مجال الكهرباء لازالت مصر تعطي المناقصات لشركات أجنبية لإنشاء المحطات وبالتالي هي التي تقوم بصيانتها على الرغم من وجود شركات مصرية مميزة، والمشكلة التي تعرضت مصر لها هذا العام أنه عندما انطلقت الثورة المصرية في 25 يناير ترك كل الخبراء الأجانب وفنيي الصيانة أماكنهم ورحلوا خوفا من عواقب الأمور في مصر في حين أن مصر تحتاج لتركيب محطات جديدة حد أدنى تركيب 2000 ميغاوات، فأعلن وزير الكهرباء أنه بدأ في استيراد تربينات جديدة، وأتمنى أن تكون هذه التصريحات صحيحة وليس فقط لتهدئة الرأي العام، وكذلك الصيانة لم تنته حتى الآن.. ولازلنا ننتظر عودة الفنيين الأجانب، لذلك توجهت بكل هذه التفاصيل للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وكان اقتراحي بتكوين مجلس فني بصلاحيات وزير وأن يتكون من مهندسي ميكانيكا وكهرباء وبترول مصريين وأنا على أتم استعداد للتعاون معهم ونقوم بجولة في كل محطات الكهرباء المصرية لنحدد المشاكل بشكل عملي ونضع حلولاً لها بأقصى سرعة، وجاء رد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالنظر في الأمر والرد قريبا، وطلبوا مني تأجيل سفري لحين الرد، لكني لن أؤجله لأجل غير مسمى لأنني إن لمست عدم الجدية لن أنتظر، كذلك أوصلت نسخة من هذا الاقتراح لائتلاف شباب الثورة. ولابد أن أنبه على أن الحل النووي لمصر حتمي وضروري، ولا يمكن التغاضي عنه لأن البترول والغاز في طريقهما للنفاد في غضون عشرين عاما والتي تعتمد مصر عليهما في توليد الطاقة الكهربية بنسبة 90 في المئة في حين الاعتماد على السد العالي بنسبة 10 في المئة، والطاقة الشمسية وطاقة الرياح طاقة طيبة لكنها محدودة جدا وباهظة التكاليف جدا وليست هي الحل فيمكنها المساهمة فقط ب5 في المئة فقط.. فلابد أن تفتح مصر ملفها النووي من جديد.. وليس هناك أي خوف من أي نوع ولماذا توجهت لائتلاف شباب الثورة بالتحديد؟ لأنني مؤمن بهم وبما فعلوه، ولكن رأيي لهم كان أنه عندما تمر الشهور بلا أي رد فعل مع استمرار التظاهرات الفئوية بلا توقف ونفاجأ بأن مصر دخلت في الظلام سينقلب الشعب المصري الذي أيد الثورة على شباب الثورة وسيحملونهم العواقب خاصة وأن الأزمة لا تتوقف عند قطاع الكهرباء فقط ولكن تمتد للاحتياط الاستراتيجي لكثير من المواد الغذائية والمصانع المتوقفة، مما دفع أحد وزراء السويد الى إعلان أن مصر إذا استمرت على هذا الوضع ثلاثة شهور أخرى ستعلن إفلاسها، لذلك أنا أشارك الآن في تكوين ما أسميناه « جبهة الاستقرار الوطني»، وهذه الجبهة الغرض منها الدعوى لتوقف التظاهرات الفئوية لما لها من خطورة جسيمة على مصر. |