gbha جبهة انقاذ الوطن العربى: اليهودية والماسونية تسعيان للقضاء على الأديان ماعدا الديانة اليهودية

اليهودية والماسونية تسعيان للقضاء على الأديان ماعدا الديانة اليهودية

الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض



في البروتوكول التاسع: "لقد تمكنَّا من تضليل شبيبة الأغيار وتبليدهم وحطهم خلقيًّا، عن طريق تعليمهم المبادئ والنظريات التي نعتبرها كاذبة، ومع ذلك فنحن نوحي بها ونعلمها".

وفي البروتوكول السابع عشر: "لقد أظهرنا اهتمامًا كبيرًا منذ أمَد طويل بموضوع الحط من قيمة رجال الدين من الأغيار".

وفي البروتوكول الرابع: "ولهذا السبب وحده علينا أن نهدم الإيمان، وأن نمحو من عقول الأغيار مبادئ الله والروح من أساسها، وأن نستعيض عن هذه المفاهيم بالمعادلات الرياضية والرغبات المادية".

وفي كتاب "الحكومة السرية في بريطانيا" (ص 104- 106): "إن التلمود هو الإنجيل اليهودي، وهو يمقت تقاليد العهد الجديد، ويحتقر المسيح ويفخر بعملية صلبه، وهو يعلم الحقد على الأجناس الأخرى وخداعهم وازدرائهم، ويوصي بأن لا تعمل معهم بالرحمة بل بالتقتيل.

إنه يحتوي على 6000 صفحة مليئة بالأبحاث اليهودية وشروح العهد القديم، وكلها تناهض المسيحية.

لا يوجد هناك ما يمنع اليهود من أن يكون لهم دين وعقيدة، ولكن لماذا يجب على المسيحيين أن يمتصُّوا الكثير من تعاليمهم وخاصة في ناحية الأدبيات والاقتصاديات وشؤون المال، في الوقت الذي تبدو فيه اليهودية في أصلها ونشأتها ضد المسيحية؟ كما صرحت بذلك صحيفة "جويش ورلد" - اليهودية - الصادرة في مارس 1923م، وقد سبق أيضًا أن نشرت جريدة "الجويش كرونيكل" في عددها الصادر بتاريخ 4 أغسطس عام 1919م مقالاً قالت فيه: إن مبادئ البلشفية تتَّفق في نقط كثيرة مع أحسن المبادئ اليهودية.

إنه من الصعب أن نفهم لماذا يجب أن يخضع غير الكاثوليك الرومان لمثل هذا التعليم والتهذيب على أيدي مدرسين جهلاء مستهترين، ولا نستطيع أن نفهم ذلك فيما يتَّصل بالكاثوليك الرومان أنفسهم؛ لأن البابا (جريجوري العاشر) قد حكم على التلمود بقوله: إنه يتَّضمن كلَّ نوع من أنواع الخسة ضدَّ الحقيقة المسيحية.

وفوق ذلك انظر إلى هذه المشتقات المأخوذة من التلمود نفسه:
1 - خلقت الأجناس الأخرى غير اليهودية لخدمة اليهود.
2 - يمكن لليهود أن ينافقوا غير اليهود.
3 - مسموح بإفساد غير اليهود.
4 - كرس الله اليهود لأخذ الربا من غير اليهود.
5 - يجب إبادة أحسن ما عند غير اليهود ويجب أن تكون الحياة الشريفة عند غير اليهود موضع مقت وكراهية من اليهود.
6 - إذا استطاع يهودي أن يخدع أحدًا من غير اليهود مدعيًا بأنه ليس يهوديًّا فإنه مسموح له بذلك.

وبالرغم من مرض الحقد وحب الانتقام الذي استبان في أعلى هذا الكلام فقد كتب الحاخام (لويس) في كتابه "أغرب من الخيال" يقول: لقد رفعه اليهود - يقصد التلمود - إلى مكانة التعظيم والتقديس أكثر من الإنجيل، هل يمكن إذن أن نعجب لماذا اكتسب جنس نشأ على مثل هذه العقائد تلك الكراهية وفقدان الثقة في جيرانه على مر الأجيال والقرون؟

إن الناس الذين تعتمل قلوبهم بالكره يغدون عادة مكروهين، وكيفما كان الحقد ظاهرًا مكشوفًا أو غير ذلك فإن طمعهم في السيطرة قد تأصَّل في نفوسهم وروحهم.

حدث في سنة 1242م أن أعلن البابا (جريجوري التاسع) اتهامات صريحة ضد التلمود، يتهمه فيها بالكفر والطعن في الله وفي المسيح وفي المسيحية، ثم شكَّل البابا لجنة لفحص الاتهام، ومثل اليهود في هذه اللجنة (جهبيل بن جوزيت) من باريس ومعه ثلاثة آخرون، وأقرَّت اللجنة الاتهام وأمرت بإحراق التلمود، ونقلت إلى النيران في باريس حمولة أربع وعشرين عربة من نسخ التلمود.

وفي عام 1247م أعيد نظر القضية بعد توسُّل والتماس من اليهود، لكن الحكم صدر ضدَّ التلمود مرة أخرى، وأدين هذا التلمود مرة أخرى في أسبانيا عام 1415م.

ومرة رابعة في إيطاليا عام 1559م.

ولكن رغم ذلك كله فإن تعاليم التلمود التي تفصح عن الفلسفة اليهودية ظلت كما هي وسيلتهم المؤدية للتقدم والانتشار، وأصبحت الخطة التي ينعتها اليهود بأنها زيف وضلال رغم القرائن الواضحة التي تبدو في الأحداث يومًا بعد يوم أصبحت هذه الخطة هي استراتيجيتهم الجماعية في الفتح والغزو.

وقد قاموا بكل شيء ليظل المسيحيون على جهل بالحقيقة فيما يتصل بالتلمود؛ لأنه إذا استطاع العالم المسيحي أن يعرف ذلك لفقد الصهيونيون العون الذي كانوا يتوقَّعون الحصول عليه من نفس الجمهور الذي يستغلون حمايته لكي ينثروا بذور السفسطة والمغالطة التي وردت في التلمود في أذهان المسيحية البريئة من الظنون والشكوك".

ومن تعاليم التلمود الذي يعظمه اليهود أكثر من التوراة:
• "إن الرباني (راشي) يثبت هذه التعاليم بمثل ما أورده التلمود.
• رأى الرباني كرمة متهدلة بالعناقيد الناضجة فقال لخادمه: إذا كانت هذه الكرمة لغريب فاقطف منها وإذا كانت ليهودي فلا تمسها".
• "إن الوصية القائلة لا تسرق معناها عند (النسر بن ميمون): لا تسرق اليهودي، أما غير اليهودي فيسمح دونما وَجَل بسرقته".
• قال العالم (بغافركن) في هذا الصدد: "إن ممتلكات النصراني بالنظر إلى اليهودي هي ممتلكات لا مالك لها مثل رمال البحر، وأول يهودي يستولي عليها عنوة يكون هو مالكها الأصيل".
• "يقول التلمود بشدة: كما أن ربة البيت تعيش من خيرات زوجها هكذا أبناء إسرائيل يجب أن يعيشوا من خيرات الأمم دون أن يحتملوا عناء العمل".
• "إن تعاليم اللاهوتيين في التلمود لهي أطيب من كلام الشريعة".
• "إن الرباني (مناحيم) يطلعنا بالاتفاق مع كثير من العلماء على أن الله يأخذ رأي الربانيين العائشين على الأرض في المشاكل التي تنشأ في السماء".
• "إذا أتى صوت من السماء يبقى بغير قيمة حتى يحققه الرباني، وأن الله إذا عضد ربانيًّا في مجادلة فإنه يعضد خصمه في المجادلة نفسها لتكون الغلبة الكبرى للرباني".
• "إن الله - تعالى - قد تاب عن تركه بني إسرائيل يرتطمون في الشقاء، كمَن يتوب عن إثم شخصي، فلذلك أنه يهمر كل يوم دمعتين سخينتين في البحر تسببان فرقعة شديدة تسمع من أقصى العالم إلى أقصاه، وفي كثير من الأحيان تنزل قواتها الهزات العنيفة بالمسكونة".
• "إن الله قد أقسم بغير عدل وارتكب خطيئة الكذب؛ لكي يلقي السلام والوئام بين إبراهيم وسارة، وهذا هو المسوغ الذي يخول بني إسرائيل الكذب لإعادة السلام إلى نصابه".
• "إن نفوس اليهود منعم عليها بأن تكون جزءًا من الله فهي تنبثق من جوهر الله كما ينبثق الولد من جوهر أبيه".
• "هذا السبب يجعل نفس اليهودي أكثر قبولاً وأعظم شأنًا عند الله من نفوس سائر شعوب الأرض؛ لأن هؤلاء تشتق نفوسهم من الشيطان وهي مشابهة لنفوس الحيوانات والجماد، ولهذا يقول التلمود: إن زرع الرجل غير اليهودي هو زرع حيواني".
• "إن اليهود أحب إلى الله من الملائكة فالذي يصفع اليهودي كمَن يصفع العناية الإلهية سواء بسواء، وهذا يفسر لنا استحقاق الوثني وغير اليهودي الموت إذا ضرب يهوديًّا".
• "إن المفاضلة موجودة بين جميع الأشياء، فكما أن الإنسان يعلو البهيمة كذلك اليهود هم أرفع من شعوب الأرض؛ لأن زرع الأغراب كزرع الحصان".
• "إن غير اليهود كلاب عند اليهود بحسب تعاليم التلمود المستند إلى الآية السادسة عشرة من الفصل 12 من سفر الخروج، وقد جاء فيه أن الأعياد المقدسة وضعت لإسرائيل وليس للأغراب والكلاب".
• "لا يسمح بإعطاء اللحم لغير اليهودي بل للكلب؛ لأنه أفضل من غير اليهودي".
• "إن عبَدَة الأوثان الذين لا يعتنقون الدين اليهودي والمسيحيين المؤمنين بيسوع المسيح والمسلمين التابعين للنبي محمد هم في نظر اليهود أعداء الله وأعداء اليهود".
• "يسمح التلمود لأصدقاء الله وأقاربه في أن يضلوا الأشرار؛ لأنه مكتوب: كن تقيًّا مع الأتقياء وشريرًا مع الأشرار".
• "يقول الرباني بيشاي: إن الرياء مسموح به".
• "يقول التلمود: يمكنك أن تغشَّ الغريب وتدينه بالربا الفاحش؛ ولكن إذا بعت أو اشتريت شيئًا لقريبك (اليهودي)، فلا يجوز لك أن تراوغه وتساومه".
• "قد كتب على شعوب الأرض: لحومكم من لحوم الحمير وزرعكم من زرع الحيوانات، ولهذا السبب فالمباركون أولاد الحق هم اليهود وأرومتهم التي تضمخت على جبل سيناء تبعد عنهم كل قذارة".

• "إن للربانيين (راشي) و(لاوي) و(جرسن) وغيرهم رأيًا واحدًا في هذا: أن اليهودي لا يؤمن بأنه يرتكب الفحشاء عندما يفض بكارة فتاة مسيحية، ويصرح (ابن ميمون) في مؤلفاته أن لليهودي حقًّا في أن يتمتع بامرأة غير مؤمنة أجنبية"[1].

قال المحامي اليهودي (هنري كلين) في جريدة "صوت المرأة" في شيكاغو سنة 1945م: "إن البروتوكولات وهي الخطة التي وضعت للسيطرة على العالم أمر حقيقي ثابت، وإن زعماء الصهيونية يكوِّنون مجلس (سانهدرين) الأعلى الذي يرمي إلى السيطرة على حكومات العالم، ولقد طردني اليهود من صفوفهم؛ لأني أنكرت عليهم خططهم الشريرة"[2].

وأشار القاضي (أرمسترونج) من مدينة تكساس في كتابه "الخونة" طبعة 1948م إلى مؤتمر الصهيونيين الذي عقد في بال سنة 1897م فقال: إن فكرة قيام عصبة الأمم وهيئة الأمم المتحدة ويتبعها إمبراطورية صهيونية عالمية قد طرحت بهذا الترتيب الزمني على بساط البحث في المؤتمر الصهيوني الذي انعقد في مدينة بال عام 1897م.

لقد أعلن الصهيونيون المجتمعون في هذا المؤتمر أن هدفهم يرمي إلى إخضاع الشعوب المسيحية في العالم، وتأسيس إمبراطورية صهيونية يرأسها ملك يكون إمبراطورًا على العالم كله، وتكشف الخطة عن فكرتهم في الغزو والفتح، وقد كانوا يتبجحون في هذا المؤتمر قائلين: إنهم قادرون على فرض سيطرتهم على الصحافة وعلى الذهب في العالم"[3].

وفي (ص 209- 210) من "البروتوكولات": "يجب أن يظهر الملك الذي سيحل الحكومات القائمة التي ظلت تعيش على جمهور، قد تمكنا نحن أنفسنا من إفساد أخلاقه خلال نيران الفوضى، وأن هذا الملك يجب أن يبدأ بإطفاء هذه النيران التي تندلع اندلاعًا مطَّردًا من كل الجهات، ولكي يصل الملك إلى هذه النتيجة يجب أن يدمر كل الهيئات التي قد تكون أصل هذه النيران، ولو اقتضاه ذلك إلى أن يسفك دمه هو ذاته، ويجب عليه أن يكون جيشًا منظمًا تنظيمًا حسنًا يحارب بحرص وحزم عدوي أي فوضى قد تسمم جسم الحكومة.

إن ملكنا سيكون مختارًا من عند الله ومعينًا من أعلى؛ كي يدمر كل الأفكار التي تغري بها الغريزة لا العقل والمبادئ البهيمية لا الإنسانية، إن هذه المبادئ تنتشر الآن انتشارًا ناجحًا في سرقاتهم وطغيانهم تحت لواء الحق والحرية.

إن هذه الأفكار قد دمرت كل النظم الاجتماعية مؤدية بذلك إلى حكم ملك إسرائيل، ولكن عملها سيكون قد انتهى حين يبدأ حكم ملكنا، وحينئذ يجب علينا أن نكنسها بعيدًا حتى لا يبقى أيُّ قذَر في طريق ملكنا، وحينئذ سنكون قادرين على أن نصرخ في الأمم: صلوا لله واركعوا أمام ذلك (الملك) الذي يحمل آية التقدير الأزلي للعالم، والذي يقود الله ذاته، فلن يكون أحد آخر إلا هو نفسه قادرًا على أن يجعل الإنسانية حرة من كل خطيئة".

اقرؤوا كيف تمزق العرب؟
(مايلز كوبلانز) صاحب كتاب "لعبة الأمم" الشهير، كتب مؤخرًا في صحيفة التايمز البريطانية مقالاً جاء فيه التالي: وقد رتب عبدالناصر بواسطة الأصدقاء الأميركيين بأن يتولى الإسرائيليون الثناء على (الإخوان المسلمين) بشكل يثير عليهم حفيظة العرب ولعنتهم.

ويشير (كوبلانز) إلى أن هذه الواقعة جرت في عام 1953م حينما وقع الصدام بين الثورة المصرية وجماعة الإخوان.

وقد أخذنا هذه العبارة ليس لأننا نصدقها، ربما تكون غير صحيحة، وربما تكون، وأخذناها ليس دفاعًا عن (الإخوان المسلمين) أو انتقامًا من غيرهم، أخذناها فقط كمثال على كيف كانت تجري الأمور في هذه المنطقة، وكيف استخدمت أبشع الأساليب في تحطيم القوى السياسية وتحطيم الدول العربية بالتالي، فالذين كانوا يخططون - ولعلهم ما زالوا - كانوا يعرفون جيدًا كيف يمكن تدمير القوة العربية، ولعل إسرائيل ومعها الاستعمار والقوى الدولية الطامعة بنا - لا تجهل كيف يمكن الوصول إلى نتائج باهرة دون بذل أي مجهود، وكان يكفي أن يقال من إسرائيل أو بريطانيا مثلاً أن هذا المشروع أو الشخص أو النظام جيد أو حسن لتتفجر عليه نقمة العرب وغضبتهم ويصبح مشروعًا كل ما يكال لهم من اضطهاد أو إرهاب أو قتل.

ومن هذا يتَّضح كيف تبدَّدت القوة العربية، وتحطمت كذلك، الأطماح العظمى بقيام دولة عربية كبرى على أسس متينة وثابتة.

وحتى الأفكار، الأفكار الممتازة كانت تتحطم بهذا الأسلوب، وكان يرمى كل شخص يتفقون على أنه متطرف بشتى النعوت المختلقة، فيقول راديو إسرائيل، أو صحيفة إسرائيلية، أو تابعة للنفوذ الصهيوني الاستعماري، أن هذا الشخص أو الحزب معتدل أو أنه صديق للإنكليز أو الأمريكان، أو أن هذا المشروع الوحدوي أوصى به الإنكليز أو غيرهم؛ ليسقط هذا المشروع ويستبدل بمشاريع هوائية كانت تتراكم فوق بعضها البعض لتشكل برهانًا على أن قيام اتحادات عربية مدروسة جغرافيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا أمر مستحيل.

وبهذه الطريقة شجعوا على قيام وحدات عربية في الكلمة لكنها غير ممكنة في الواقع، وعلى الطبيعة، الأمر الذي ألقى ظلالاً محزنة على فكرة الدعوة للوحدة وكيفية تطبيقها.

ولذلك تحطمت وحدة دول الجبهة الشرقية؛ لأنها منذ البداية ألبست ثوبًا بريطانيًّا، وتحطمت الوحدات الأخرى لأثواب أخرى... وهكذا.

ولو غضضنا النظر عن كل ذلك، نرى ماذا لحق بالمواطن العربي كفرد من جراء هذا التكتيك الذي استخدمته بعض الأنظمة العربية، أو أن الآخرين استخدموا هذه الأنظمة لتنفيذه؟

في إحصائية طريفة لكنها محزنة جدًّا أن السياسيين العرب وجميع العاملين في الحقل السياسي، في الحكم أو في الأحزاب، يجدون أسماء لهم في لوائح الخيانة التي وزعت ذات اليمين وذات اليسار، بحيث إن كل فئة أسبغت على الفئات الأخرى هذا (الشرف الرفيع)؛ فكان أن أصبح جميع العرب خونة.

ورغم كل هذا الهول لم يحدث لضميرنا أيُّ انفجار، بقيت المأساة تلحق بعضها بعضًا، وبقي العرب عند العرب خونة!

وبالطبع لا يحق لأحد أن يسأل: لماذا؟ ومَن المسؤول؟[4]

في 14 إبريل 1966م أذاعت وكالة (تاس) السوفيتية الرسمية مقالاً نشرته صحيفة (سوفياتسكايا) فيه هجوم على فكرة التقارب الإسلامي قالت فيه: "إن فكرة التقارب الإسلامي من شأنها أن تضعف انطلاق الثورة الاشتراكية العربية وخاصة الثورة الماركسية التي يدعو إليها عبدالناصر ومساعدوه".

وأثناء زيارة (كوسيغين) للقاهرة قال في إحدى خطبه: إن التضامن الإسلامي هو ضد مصالح الشعوب. ("الأنباء السوفيتية"، العدد 11 في 5 حزيران 1966م).

وعندما انعقد في القاهرة (أكتوبر 1966) مؤتمر علماء المسلمين وقف ضياء الدين خان مفتي آسيا الوسطى، ورئيس وفد الاتحاد السوفيتي وقال في المؤتمر: إن الإسلام ليس في حاجة إلى حلف إسلامي يخدم السياسة الاستعمارية. ("الطليعة" ص 106 نوفمبر 1966م).

وأبدت جريدة (البرافدا) الرأي السوفيتي بوضوح في مقال نشرته يوم 5 حزيران لمراسليها (بيليايف وبريماكوف)، حول الوضع السياسي في الشرق العربي بعنوان (ظلال رهيبة على الشرق العربي) جاء فيه: "إن محاولة الولايات المتحدة وبريطانيا بمساندة الرجعية المحلية تشدد الأعمال التخريبية بجميع الوسائل؛ لأجل خنق حركة تحرر الشعوب، وهي سمة مميزة للوضع السياسي في الأشهر الأخيرة، لكن العربية السعودية التي تتقدم بالفكرة البالية فكرة الحلف الإسلامي قد اضطلعت عمليًّا بالاستعدادات لنزاع جديد بين العرب".

وأعلنت البرقيات في أوائل فبراير 1967م بأنه سيعقد في (فينا) في الخامس والعشرين من هذا الشهر مؤتمر لجنة السلام العالمي الشيوعي، وأن جدول أعمال المؤتمر يتضمَّن اقتراحًا بشنِّ حملة على سياسة التضامن الإسلامي ("الحياة" 7/2/1967م)، فهذه نماذج مما ورد عن موسكو ورجالها وصحافتها في مهاجمة التضامن.

وقد انتقل هذا الهجوم بسرعة فتردد على ألسنة رؤساء الاشتراكيات الثورية العربية وأقلام الكتَّاب فيها، ولنبدأ بما قاله المسؤولون في القاهرة.

لقد كان الرئيس عبدالناصر أول المهاجمين للتضامن وأشدهم طعنًا فيه، وكان هجومه عليه مملوءًا بالعنف والشدة، وقد خطب مرات عديدة خلال عام 1966م وفي كل خطاب كان يسمي التضامن الإسلامي حلفًا.

فلنستعرض نماذج من خطبه:
ففي مساء 22 شباط 1966م خطب الرئيس المصري بمناسبة ذكرى الوحدة السورية المصرية: فذكر أن الحلف الإسلامي سيكون مواليًا للغرب، وأن غاية أهل التعاون أن يسلموا البلاد لانكلترا وأمريكا.

ثم ذكر حلف بغداد وقال: أما الحلف الجديد فألبسوه عمامة ليسموه الحلف الإسلامي أو المؤتمر أو التجمع الإسلامي؛ حتى يضحكوا على المسلمين وعلى الناس باسم الدين، وأضاف: إن الحلف الإسلامي حلف استعماري هدفه أن يقاتل حركات التحرر ويتصدى للتقدم الاجتماعي، وهو عملية تجميع لكل القوى الرجعية المتعاونة مع الاستعمار في خط دفاعي أخير أمام المد الثوري العربي التقدمي في البلاد العربية.

ثم ختم كلامه بقوله: نحن نعارض الحلف الإسلامي أو المؤتمر الإسلامي، ونحن نقول: إن التضامن الإسلامي الحقيقي هو تضامن الشعوب الإسلامية المناضلة ضد الاستعمار ("الأخبار" القاهرية عدد 42259 يوم 23/2/1966م).

وفي يوم 5/3/1966م - أي: يوم زيارة الملك فيصل للسودان - اتخذ مجلس الأمة المصري قرارًا ضد التقارب الإسلامي وجاء في قراره: إن الدعوة التي روَّج لها بعض الحكام باسم حلف أو تجمع أو مؤتمر أو رابطة، متخذين من الإسلام شعارًا لها دعوة قُصِد بها إعاقة سير التحرر العربي وتمييع قضية فلسطين. ("الأخبار" يوم 6/3/1966م).

وفي يوم 22 مارس آذار 1966م خطب الرئيس عبدالناصر في مدينة السويس، فعاد إلى مهاجمة التعاون الإسلامي ومهاجمة السعودية، وأكَّد أن الرجعية في البلاد العربية لا بُدَّ أن تسقط، وأن الاستعمار يساعدها في التستر بالإسلام، وقال: لم تكن الرجعية أبدًا شريعة الله، لكن شريعة الله كانت دائمًا شريعة العدل، وشريعة العدل أيها الإخوة هي الاشتراكية.

وعندما وصل (كوسيغين) إلى القاهرة في أيار مارس 1966 خطب عبدالناصر فقال عن الدين: ولكن الاستعمار والرجعية بعد أن فقدا كل غطاء سياسي لمطامعهما لم يجدا في النهاية وقبل الاندحار الحاسم غير غطاء الدين، على أمل التضليل به والخداع، لكن الجماهير العربية خبرت فضْح التضليل وتمرَّست بأساليب كشف الخداع، ومن هنا فهي تدرك أن ذلك الحلف الإسلامي المقترح ليس إلا أسماء جديدة لواجهات جديدة لحلف بغداد القديم. ("الأخبار" القاهرية 11/5/1966م).

وفي خطابه بدمنهور يوم 15/6/1966م قال: ليس الحلف الإسلامي إلا استكمالاً لحلف بغداد؛ لوضع الأمة العربية داخل مناطق النفوذ. ("منبر الإسلام" يولية 1966م ص 223).

وقال: إن الشعب العربي في كل مكان يعرف ويعلم علم اليقين أن الرجعية تتاجر بالدين، سواء كان مؤتمرًا إسلاميًّا أو تجمعًا إسلاميًّا أو حلفًا إسلاميًّا، وأن الذين يدعون إليه هم أبعد الناس عن الإسلام وعن الدين.

وأثناء زيارة الرئيس المصري للهند صرَّح لأحد الصحفيين قائلاً: ظهرت أخيرًا طبعة جديدة من حلف بغداد وهو ما يسمى بالحلف الإسلامي، وقد حاولوا عن طريق الدين أن يقنعوا الشعوب لخدمة الرجعية وركَّزوا جهودهم في الملكيات: شاه إيران، والملك حسين، والملك فيصل، لكن كل الشعوب العربية والشعوب التقدمية شعرت بأن الرجعية تتنكر وراء ستار من الدين.

وفي الخطاب الذي ألقاه عبدالناصر يوم 24 نوفمبر أمام مجلس الأمة بالقاهرة قال: كانوا يريدون خلق تناقض مصطنع بين الاشتراكية وبين الدين.

ثم قال: ولقد جاءت الإدانة القاطعة لهذا الحلف المسمى بالإسلامي، وهو ليس إلا حلفًا جديدًا لصالح القوى الأجنبية الراغبة في السيطرة ("الأهرام" 25/11/66).

وفي خطاب عبدالناصر يوم 23 ديسمبر في عيد النصر كرر هجومه على التضامن الإسلامي وقال: وبدأت الدعوة المشبوهة للحلف الإسلامي، وبدأ الملك فيصل يتحرك، بعدين هل فيصل يصدق والاّ أنا أصدق أنه يتحرك لوحده، أسياده هم اللي بيحركوه. ("الأهرام" 24/12/66)[5].

نشرت "جريدة الجمهورية" في ملحقها الديني العدد 25 بتاريخ 10/6/1966م أن الشيخ حسن مأمون شيخ الجامع الأزهر أعلن: "أن العلماء المسلمين متفقون على بطلان الدعوة إلى تحالف المسلمين؛ لأن الداعين إلى هذا التحالف يتخذون من الإسلام ستارًا لأهداف لا يرضاها المسلمون ولا يؤمنون بها"[6].

وقال هذا المفتي في بيان أصدره: "قديمًا استُغِلَّت بعض شعارات الإسلام واليوم يستغل كل الإسلام فيدعى إلى حلف الاستعمار ثم يقول: وإذا كانت الجمهورية العربية المتحدة قد حاربت الأحلاف السابقة فيصورها السياسية خشية على سياستها التقدمية أن تنتكس، فإن دينها أعز عليها من سياستها، ولهذا فلن تترك لمُخَادع أن ينال منه، ولا لمتَّجِر به أن يربح فيه، أيها المسلمون، افتحوا عيونكم واشحذوا أذهانكم، واعلموا أن نصر الله قريب، وليكن شعاركم في حرب هذا الإفْك وردِّ هذا البهتان: إنه حلف استسلام لا حلف إسلام. ("منبر الإسلام" إبريل 1966م ص 48)[7].

وفي مارس 1966م اتخذ مجمع البحوث الإسلامية قرارًا بتأييد بيان شيخ الأزهر ضد التقارب الإسلامي، واعتبره معبرًا عن رأيه. ("الطليعة" نوفمبر 1966م ص 106).

وصرح حسن مأمون يوم 10/6/1966م بأن العلماء المسلمين متفقون على بطلان الدعوة إلى الحلف الإسلامي بعد أن وضحت نيات الداعين إليه، وأنه يتخذ من الإسلام ستارًا لأهداف لا يرضاها المسلمون ولا يؤمنون بها. ("ملحق الجمهورية الديني" العدد 25 في 10/6/1966م).

وقال شيخ مشايخ الطرق الصوفية بمصر محمد محمود علوان: إننا نستنكر الدعوة الخبيثة التي ظهرت أخيرًا لتكوين حلف إسلامي يستفيد منه المستعمر ويتخذه ستارًا لتنفيذ أغراضه في البلاد العربية والإسلامية، مستغلاًّ ضعف بعض الحكَّام، تستنكر الصوفية هذا الحلف وتدعو المسلمين في الجمهورية العربية المتحدة وسائر الأوطان العربية إلى مقاومة الحلف الشيطاني.

إننا نعتبر كلَّ معاونة بالقول أو بالعمل لهذا الحلف وكل تزكية له خروجًا عن الإسلام. ("ملحق الجمهورية الديني" العدد 27 في 24/6/66).

وبعد هذا الذي قاله شيخ الأزهر والمفتي الأكبر للمتصوفة الدراويش انطلق رجال الأزهر يهرفون، فوصفوا الدعاة إلى التقارب الإسلامي بأنهم:
 ألعوبة في أيدي الخواجات، أعضاء بارزين في شركات الأحلاف، عملاء مرموقين في صفقات الاستعمار، يفرقون كلمة العرب والمسلمين، ويمتصون دماء الشعوب[8].
• وأنهم الطغمة الباغية[9].
• وأنهم رؤوس خربة، نفوس قلقة، قلوب مريضة، شخصيات إمعات[10].

وقال هؤلاء الشيوخ الأزهريون عن التقارب إنه:
 خيانة سافرة ودعوة آثمة ومؤامرة خبيثة تحمل في طياتها الشر المستطير[11].
 وأنه حلف لقيط وليد الفكر الأميركي في أرض أميركية لفكرة استغلالية[12].
 وأنه سلسلة في حلقة تنتهي إلى إسرائيل[13].
 وزعم أحد الشيوخ أن هذه الدعوة تهدف إلى تفتيت الوحدة الإسلامية[14].

ويأتي آخرهم فيسمي الحلف حلفًا شيطانيًّا ويزعم:
 أنه يعطل الإسلام في أمثل مبادئه، ويطعنه في أقوم تعاليمه، وينتهي إلى القول: ومبادئ عبدالناصر جرت فينا مجرى الدم، وأصبحت جزءًا من كياننا لا يتجزَّأ، دانت لها الشعوب، وتعلقت بأهدابها القلوب، فأصبح الوطن العربي كله يردد هذه المبادئ ويعمل بها[15].

ثم يعلق الدكتور صلاح الدين المنجد على هذه الأقاويل بقوله: لقد تعمدنا سرد أقوال هؤلاء الشيوخ الأزهريين ليرى القارئ إلى أيِّ حد تدنَّى مستواهم الفكري والثقافي، وأي لغة وتعابير سوقية يستعملونها، وأي إسفاف هبطوا إليه.

ولم تكتفِ القاهرة بتجنيد رجال الدين لمحاربة التقارب الإسلامي، فدفعت رجال الأدب والفكر إلى ذلك.

فالدكتور طه حسين يقول: لسنا في حاجة إلى الحلف؛ لأن اتفاق المسلمين يفرضه عليهم القرآن، وهذا الحلف في رأيي سخيف إن لم يكن (مدرن) - كذا - فهو سخيف. ("منبر الإسلام" إبريل 1966م ص 10).

ومحمود تيمور يقول: الحلف الإسلامي حرب على المسلمين، وإن له في الحقيقة معنى واحدًا واضحًا هو محاربة المكاسب التي حققتها الجمهورية العربية المتحدة وجميع الدول الإسلامية عامة في ظل النظام الاشتراكي الذي أخذ ينمو.

ثم قال: إن الرئيس جمال عبدالناصر بوصفه أكبر رأس مفكر في السياسة العربية بل العالمية، هو طبعًا أكثر دراية بخفايا المؤامرات التي تحاك في الخفاء للدول العربية، وفي أحاديثه الأخيرة كشف الغطاء عن الحلف المزعوم.

وأنهت "منبر الإسلام" المجلة الدينية هذا الحديث بقولها: ولا شك أن الجمهورية العربية المتحدة قد حملت العبء الأكبر في الرد على هؤلاء الفاسقين المغامرين باسم الدين والإسلام، وذلك إحساسًا منها بمسؤوليتها الروحية تجاه العالم الإسلامي. ("منبر الإسلام" مايو 1966م ص 908)([16]).

وكتب المستشار (أحمد موافي) بأن الحلف الإسلامي دعوة باطلة؛ لأنها صدرت عن أشخاص تجردوا من جميع القيم والمُثُل الإسلامية - كذا - وهم ليسوا أهلاً لحمل أمانتها، وليست قلوبهم صافية، فأصبحت بمثابة مِعْوَل لهدم البناء الذي أوشك أن يكتمل، ولقد جاءت هذه الدعوة اعتداء صارخًا على الوحدة العربية وخروجًا على البر والتقوى.

وقد جاء الحلف الإسلامي ليتعاون مع الاستعمار فهو طعنة في صدر الإسلام، وختم كلامه بقوله: ومجمَل القول أن الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وأن الدعوة إلى الحلف الإسلامي دعوة باطلة في مظهرها وجوهرها. ("منبر الإسلام" السنة 24 العدد الأول ص 25 وما بعدها).

أما الدكتور (محمد مظهر سعيد)، فقد كتب يقول بعنوان (مهزلة الحلف الإسلامي): إن هذه المسرحية الهازلة وضع خطوطها الرئيسة ساسة الغرب المستعمر، وأكمل خطتها وحبكتها دهاء الصهيونية، على أن يقوم بعرضها وتمثيل أدوارها بعض المرتزقة الذين شاء سوء الحظ أن يتولوا الحكم باسم الإسلام.

وقال: إن الحلف الإسلامي حلف استعماري هدفه أن يقاتل حركات التحرر. ("منبر الإسلام" العدد الأول سنة 24 إبريل 1966 ص 47).

وذهب كاتب آخر وغالى في الكذب فزعم أن إسرائيل ستدخل في الحلف، قال هذا لصاحبته التي جاءت تسأله عن الحلف وإسرائيل: "جاءت تسألني في لهفة ودهشة: هل صحيح أن مشروع الحلف الإسلامي المزعوم يقضي بأن تدخل إسرائيل عضوًا عاملاً فيه، فيجيبها: وهل في هذا عجب؟!" ("منبر الإسلام" مايو 1966 ص 142).

ثم يقول الكاتب: الفشل أمر مقطوع به لهذا الحلف، لقد أعلن ذلك عبدالناصر في يوم عيد الوحدة الثامن، وأجمعت الصحف العربية والعالمية على أن عبدالناصر قد أمر بدفن هذا الحلف بعد أن يجعلوا كفنه من العمامة التي وضعوها فوق رأسه. (المصدر السابق ص 142)[17].

وقال الدكتور (حسن جاد): إنها خيوط مؤامرة رجعية استعمارية متلثمة بالدين، لتحاول ضرب الوحدة العربية وتناهض الاشتراكية، وتوقف تيار الزحف العربي المقدس نحو الحرية والاشتراكية[18].

نشرت "جريدة الجمهورية" في ملحقها الديني العدد (30) يوم 15/7/1966م تصريحًا لمسؤول كبير في وزارة الأوقاف بعنوان (وزارة الأوقاف جامعة مهمتها التطبيق الاشتراكي السليم) كتبه (أنس الحجاجي)، وقال هذا المسؤول الكبير ما نصه: "إن رسالة وزارة الأوقاف ومهمتها اشتراكية بحتة، وإن كل ما تعمله الوزارة منصرف آليًّا إلى تعميق جذور الاشتراكية في مجتمعنا العربي.

ففي قطاع المساجد نصت المذكرات التفسيرية والتحضيرية على أن المسجد هو منارة تهدي الناس إلى ما فيه صلاح الدنيا والآخرة، والثورة تريد له أن يعود إلى سابق مكانته ليؤدي دوره في المجتمع الاشتراكي، وتقدم لنا العدد الصالح الذي يشارك في بناء النهضة الثورية التقدمية الجديدة.

ثم أنهى كلامه بقوله: هذا مثَل من المشروعات الإجمالية للوزارة، وهي أعمال وتصرُّفات اشتراكية كبيرة تؤدي دورًا مهمًّا وجانبًا ضخمًا في إقامة البناء الاشتراكي الذي حدد خطوطه الميثاق"[19].

وقال الدكتور (محمد وصفي) مدير الشؤون الدينية بأمانة الدعوة والفكر الاشتراكي للاتحاد الاشتراكي بمصر، في ملحق الجمهورية الديني العدد (2) في 1 يوليو 1966م: "إن هناك خطة عمل ثورية كاملة ستهيِّئ لعلماء الأزهر القيام بدورهم الإيجابي الكامل في معارك البناء والتطوير، وقال: إنه سيتم ربط السادة أئمة الدين وعلماء الأزهر والوُعَّاظ بالاتحاد الاشتراكي العربي على أساس الاندماج الكامل مع تطورات المجتمع والتفاعل الثوري مع الشعب، وقال: إن هذا الربط سيكون نتيجة لخطة مدروسة ومنظَّمة بعد سلسلة الاجتماعات واللقاءات التي تمت بين السيد كمال الدين رفعت أمين الدعوة والفكر، وبين السادة الأئمة والعلماء والوعاظ والتي جاءت بنتائج طيبة للغاية"[20].

وكان الدكتور (وصفي) نفسه قد صرَّح أيضًا يوم 10/6/1966م بملحق الجمهورية الديني العدد (25)، تحت عنوان كبير (من الاتحاد الاشتراكي سوف يؤدي رجال الدين دورهم الإيجابي) فقال: فمن هنا يتم اندماج العلماء والوُعَّاظ مع الجماهير في تنظيم سياسي واحد هو الاتحاد الاشتراكي العربي"[21].

ونشرت "الجمهورية" في ملحقها الديني العدد (8) الصادر في 1/7/1966م حديثًا (لكمال الدين رفعت)، أمين الدعوة والفكر الاشتراكي، وهو الذي يشرف الآن على بلشفة الدين وتوجيه رجاله، قال فيه: "إنه لا تناقض على الإطلاق بين الإسلام والاشتراكية، فالإسلام منذ بدئه دعا إلى الاشتراكية، والاشتراكية هي أحد مبادئ الإسلام، وأضاف السيد كمال رفعت قائلاً: إن الانحرافات التي حدثت في المجتمع الإسلامي بعيدة عن الإسلام وحقيقته، والسبب في هذه الانحرافات سيطرة طبقة معينة من الناس جعلت المجتمع الإسلامي يتخلف عن ركب الحضارة الإسلامية؛ لأن الحضارة الإسلامية قامت على أساس تفاعل علوم الدين مع الحياة، وعندما انعزل الدين عن الحياة بتأثير الغزو العثماني تخلَّف المجتمع الإسلامي لمدة أربعة أو خمسة قرون، وختم السيد (رفعت) حديثه مؤكدًا أن الإسلام هو دين الاشتراكية، وأنه إذا ذكر الاشتراكيون فمحمد إمامهم"[22].

وكتب (محمد عطا) في ملحق الجمهورية الديني الصادر في 1/7/66 بعنوان (محمد بن عبدالله إمام الاشتراكيين) يقول: "إن دعوة محمد نابعة من حياته الأولى متأثرة بالوضع الطبقي الشاذ".

ثم يقول: "لقد كانت الدعوة المحمدية في القرن السابع الميلادي، وبعد عشرة قرون كاملة من ظهورها بدأت تظهر ملامح الاشتراكية المثالية التي وإن تجددت أهدافها إلا أنها فقدت المنهج التطبيقي، وظهر من الدعاة الاشتراكيين (توماس مور) و(جيراردو) والأسقف (ميزليه)... وينهي مقاله بقوله: أما الإسلام في قرنه الرابع عشر، فإنه لم يستطع أن يبرز من الدعاة (إلى الاشتراكية) سوى الرئيس جمال عبدالناصر"[23].

وجاء في المحلق الديني لـ"جريدة الجمهورية" رقم 33 الصادر في 5 أغسطس ما يلي: "بدأت الدورة الجديدة لشهري أغسطس وسبتمبر في البرامج الدينية والثقافية بالإذاعة، تستهدف هذه الدورة إبراز المنابع الإسلامية لاشتراكيتنا العربية التي تدعو إلى المساواة في الحقوق والعدالة الاجتماعية".

ومما يدخل في باب نشر التعاليم الاشتراكية لبلشفة الإسلام أن علماء الأزهر يُدفعون إلى الانتساب إلى المعهد العالي للدراسات الاشتراكية ليتعلموا مبادئها وروحها، ويكونوا على علم بطرق التوجيه الاشتراكي باسم الدين.

وكذلك وفي نفس الهدف تقرر إنشاء مكاتب في مساجد الأوقاف تزود بالكتب الإسلامية والعلمية والاشتراكية؛ لنشر الوعي الديني والثقافي والاشتراكي بين المواطنين، وقد اعتمد لتنفيذ هذا المشروع 45 ألف جنيه. ("ملحق الجمهورية الديني" رقم 29 في 8/7/1966م)[24].

وكان الدكتور (أحمد كمال) شرح في "منبر الإسلام": (الخطة الجديدة لرسالة المسجد في مرحلة التحويل الاشتراكي)، فكان مما ذكره: "يخضع كل مسجد في مصر لمجلس إدارة تشرف عليها اللجنة الفرعية للاتحاد الاشتراكي العربي".
"ترتبط هذه اللجان بإدارة عامة لصياغة البرامج غير الدينية للتثقيف الاشتراكي في الوسط الديني"[25].

وقال المقدم (حسن فتح الباب) في مقال له بعنوان (ملامح من الفكر الإسلامي في الميثاق) في "ملحق الجمهورية الديني" يوم 23 يوليو: "جاءت المبادئ التي أرساها الميثاق متفقة مع الروح الإسلامية في مضمونها، مستوحاة من عقيدتها السمحة في التشريع، ثم قال: وفي نظرية التعاليم الإسلامية شرع الميثاق نظرية كاملة للعمل العقائدي الثوري في مختلف الميادين... وكما حارب الإسلام الرجعية والطبقية في كافة الميادين ومنها المجال العلمي والثقافي، كذلك جاء الميثاق مجددًا هذه المبادئ في إطار جديد ملائم للتطور العصري"[26].

"وهذا يعني أن ثورة يوليو قامت لتحقيق الأهداف الاشتراكية التي تضمنتها الرسالة المحمدية، من تصريح للدكتور (محمد وصفي، مدير الشؤون الدينية في أمانة الدعوة والفكر الاشتراكي لـ"جريدة الجمهورية" يوم 17/7/66)[27].

ويصرح شيخ مشايخ الصوفية بمصر (محمد محمود علوان) في "ملحق الجمهورية الديني" (العدد 27 الصادر في 6/6/66 بقوله: "التصوف كلمة اشتراكية ورائد الاشتراكية في الإسلام هو أبو ذر الغفاري، وتاريخ التصوف في مختلف العصور ما هو إلا الاشتراكية في أكرم الصور.

ثم يقول: إن المتصوف اشتراكي بفطرته، وكل شيخ برجاله ومريديه كتيبة اشتراكية تزرع المعاني وأصول الاشتراكية في النفوس، وهو بهذا يعمل على تدعيم المعاني الاشتراكية وزرع عناصرها الأولى في نفوس الناس.
ثم قال: التصوف يصافي الاشتراكية ويصافح مبادئها بيد المحبة والإكرام"[28].

يقول (ميشيل عفلق) في كتابه "في سبيل البعث" (ص 133- 134): "فلو اكتفينا مثلاً بالنظرة السطحية وقلنا: إن الدين رغم كل انحرافاته وتردِّياته، والأشكال التي يستغل بها - ضد مصلحة الشعب وضد التقدم وحرية الإنسان، هو بهذه الصورة المشوَّهة وضمن هذا الإطار الرجعي شيء صادق وأساسي لا يستغنى عنه، وأنه متصل بأعماق الإنسان؛ لذلك فنحن نوافق عليه بهذه الصورة، ونتبنَّاه، ولو مررنا على الدين هذا المرور السريع لأدى الأمر بنا إلى أن نلتقي مع الرجعية، وأن نقبل كل أمراضنا الاجتماعية والفكرية والأخلاقية، وأن نكون قد بقينا في أرضنا لم نغير في حياة العرب وهذا تزوير كبير للحقيقة وقلب، بل خنق للانقلاب قبل أن يولد.

فكرتنا إيجابية تنتهي دومًا إلى تقرير الحقائق الإيجابية، ولكن يجب أن لا ننسى بأن بين وضعنا الآن وبين هذه الحقائق الإيجابية التي يجب أن نصل إليها عندما يتحقق الانقلاب العربي مسافات يجب أن يبقى فيها التوتر شديدًا بين وضعنا السلبي المريض الذي نعيشه وبين المرامي الأخيرة لفكرتنا، وأن تكون لدينا الشجاعة الكافية واليقَظة التامة لكي نتبين كل مفاسد أوضاعنا، ونحاربها محاربة لا هوادة فيها، وأن نشق من خلال هذه المعركة السلبية التي نحارب فيها المفاهيم البالية المشوَّهة طريق القيمة الإيجابية التي سنصل إليها آخر الأمر".

وقال (ميشيل عفلق) أيضًا في كتابه "في سبيل البعث" (ص 134- 135): "إن جمهور شعبنا ما زال متأخرًا وما زال خاضعًا لمؤثرات رجال الدين من شتَّى المذاهب والطوائف، فلو أننا ذهبنا إلى جمهور الشعب وصارحناه بما لا يستطيع هضمه واستيعابه، فأخذنا نطعن بالدين ونتبجَّح بالكفر، ونتحدَّى شعور الشعب فيما يعتبره هو مقدسًا وثمينًا - نكون بدون فائدة وبدون أيِّ مقابل أغلقنا أبواب الشعب في وجه الدعوة، وأوجدنا ستارًا كثيفًا بيننا وبينه حتى لا يعود قابلاً أو مستعدًّا أن يسمع منَّا شيئًا أو أن يسايرنا في نضالنا ودعوتنا"[29].

وفي صفحة (187) من "البروتوكولات": "وقد عنينا عناية عظيمة بالحط من كرامة رجال الدين من الأمميين - غير اليهود - في أعين الناس، وبذلك نجحنا في الإضرار برسالتهم التي كان يمكن أن تكون عقبة كؤودًا في طريقنا، وأن نفوذ رجال الدين على الناس ليتضاءل يومًا فيومًا.

اليوم تسود حرية العقيدة في كل مكان، ولن يطول الوقت إلا سنوات قليلة حتى تنهار المسيحية بددًا انهيارًا تامًّا، وسيبقى ما هو أيسر علينا للتصرف مع الديانات الأخرى، على أن مناقشة هذه النقطة أمر سابق جدًّا لأوانه.

سنقصر رجال الدين وتعاليمهم له على جانب صغير جدًّا من الحياة، وسيكون تأثيرهم وبيلاً سيئًا على الناس، حتى إن تعاليمهم سيكون لها أثر مناقض للأثر الذي جرت العادة بأن يكون لها.

حينما يحين الوقت كي نحطم البلاط البابوي تحطيمًا تامًّا فإن يدًا مجهولة مشيرة إلى الفاتيكان ستعطي إشارة الهجوم، وحينما يقذف الناس أثناء هيَجانهم بأنفسهم على الفاتيكان سنظهر نحن كحُمَاة له لوقف المذابح، وبهذا العمل سننفذ إلى أعماق قلب هذا البلاط، وحينئذ لن يكون لقوة على وجه الأرض أن تخرجنا منه حتى نكون قد دمرنا السلطة البابوية، إن ملك إسرائيل سيصير البابا الحق للعالم بطريرك الكنيسة الدولية، ولن نهاجم الكنائس القائمة الآن حتى تتم إعادة تعليم الشباب عن طريق عقائد مؤقتة جديدة ثم عن طريق عقديتنا الخاصة، بل سنحاربها عن (طريق) النقد الذي كان وسيظل ينشر الخلافات بينها، وبالإجمال ستفضح صحافتنا الحكومات والهيئات الأممية وغيرها عن طريق كل أنواع المقالات البذيئة لنخزيها، ونحط من قدرها إلى مدى بعيد لا تستطيعه إلا أمتنا الحكيمة.

إن حكومتنا ستشبه الإله (فشنو)، وكل يد من أيديها المائة ستقبض على لولب في الجهاز الاجتماعي للدولة"[30].

ويقول في الصفحة 215 من الجزء الثاني عن (كبالا) وعن الطقوس الدموية اليهودية: "اقتنع الرأي العام العالمي لأسباب كثيرة بميل اليهود إلى السحر، والأمر الذي يدعو إلى القلق هو اقتناعهم بهذه الفكرة وأن لها نصيبًا من الصحة إلى حدٍّ ما، لا سيما وقد كانت منتشرة في القرون الوسطى، وكان الناس يعتبرون اليهود سحرة ممتازين، وفي التلمود دروس خاصة في الدجَل، ونحن عاجزون عن تتبع العلوم الإبليسية الواردة في التلمود وخاصة في (كبالا)، وكلنا يعرف أن أعلى درجات السحر هو الذي يتم بدم الإنسان، كما نعرف جيدًا أخبار الصبية من غير اليهود الذين ذهبوا ضحية على أيدي اليهود في الطقوس الدموية اليهودية".

ويقول مؤرخ العالم المسيحي المشهور الأب قسطنطين في كتابه: "اليهود في كلمة التاريخ" عن كبالا ما يلي: "إنني أظن أن الشيطان عند حضوره الكوكب الأرضي إنما يحضر متقمصًا الشكل اليهودي، وأقطع فوق ذلك بحضوره منتسبًا إلى كبالا، فإن كبالا أقصر جسر يربط بين المرء الضال والشيطان، إنه جسر مبتور لا رجعة منه للضال".

وفي عام 1886م ظهر في فرنسا بطل اسمه (جيوجينو دي موسسو) قاوم الإرهاب الكبالي، وأشار إلى أنه عدو المسيحية اللدود بل عدو جميع الأديان، وألَّف كتابًا سماه: "اليهودي والمذهب اليهودي، وتهويد الشعوب المسيحية".

وقد جاء فيه قوله: إن كبالا كتاب ترتعد له حتى فرائص عزرائيل، فالعلوم الشريرة والمشؤومة تتسرَّب إلى خارج صفحاته كسم الثعبان الزُّعاف... إني لأخجل من البحث في الموضوعات القذرة الواردة في هذا الكتاب والتي سيطالعها النبَلاء، ولكن لو امتنعت عن ذكرها لتعذب ضميري ووجداني، وإذا لم تؤدُّوا ما هو ملقًى على عاتقكم فسوف تنتصر الكبالية، وسيجرُّ لكم إهمالكم هذا عذاب الضمير والوجدان".

وهكذا نرى أن لليهود نوعين من التديُّن والتوجيه والثقافة:
أحدهما: للظهور به أمام العالم ويشمل التوراة وسيدنا موسى.
وثانيهما: خاص بمجتمعهم الداخلي لا يطَّلع عليه أجنبي وهو سري للغاية، ويتلقى تعاليمه وتوجيهاته من التلمود والكبالا وطقوسهما التي تحتاج إلى الدم، وهناك طقوس لا يعرفها من اليهود إلا القليلون.

وفي كتاب "اليهودية العالمية وحربها المستمرة على المسيحية" (ص 61- 62) تحت عنوان (كتاب (كبالا) اليهودي المشهور)، وهناك كتاب آخر لا يقل قباحة وإجرامًا عن التلمود هو كبالا المشهور كتاب الرعب والإرهاب الأول لدى اليهود، ويضم الأفكار والاعتقادات الرجعية الدجلية التي ترفضها جميع الأديان رفضًا باتًّا، وتقاومها الحكومات والقوانين مقاومة شديدة، وهو كتاب مليء بالسحر الأسود الذي يبحث في علم الشيطان والأرواح الشريرة وعلم الأموات.

ويتمسَّك معظم اليهود في العالم بهذا الكتاب مؤيِّدين ما جاء فيه تأييدًا حارًّا، وهو يسير لديهم جنبًا إلى جنب مع التلمود ولكنه أقدم منه ويضم قسمين: الأول (سفر تيزيدا)؛ أي: كتاب التكوين، والثاني (سفر هازهار)؛ أي: كتاب الضوء والنور، والقسمان مليئان بحوادث الرعب والإرهاب وبموضوعات غريبة شاذة.

استقصى (برنار لازاريه) العالم اليهودي المعلومات المستفيضة الخاصة به في دائرة المعارف اليهودية المطبوعة في عام 1904م في الجزء السابع من الصفحة (650)، واضعًا نصب عينيه ما سوف يستهدف من تنكيل على أيدي بني جنسه في المستقبل لقاء عمله الممنوع في نظرهم، استقصى سبب مناهضة العالم بجميع شعوبه لليهود، ثم وضع في عام 1934م كتابه بعنوان: "مناهضة الشعوب السامية".

نشرت "مجلة فلسطين" ما يأتي[31]: من مذكرات مفتي فلسطين السيد (محمد أمين الحسيني) أمثلة على التعصب الديني عند اليهود: فالفكرة الصهيونية التي تعمل لتحقيق الأهداف اليهودية في فلسطين والأقطار العربية المجاورة هي دينية قبل أي شيء رغم أن معظم زعماء اليهود نشؤوا في أوروبا وأميركا، سواء في ذلك مَن نشأ منهم في الدول الرأسمالية أو الدول الشيوعية، ورغم أن بعضهم شيوعيون ماركسيون ويعيشون في (الكيبوتز)، وبعضهم شديدو التعصب لدينهم كجماعة (اغودات إسرائيل)، وهم الحزب الديني الذي يشترك في (الكنيست) بعدد من النوَّاب، ويحتفظ دائمًا منذ إنشاء دولتهم الباغية عام 1948م بأربعة مقاعد وزارية في كل وزارة إسرائيلية، هي وزارات: الأديان، والتربية والتعليم، والإرشاد القومي، والشؤون الاجتماعية.

وقد حدثت أزمة وزارية عام 1950م لأن (ابن غوريون) رئيس الوزارة حينئذ وافق على فتح مدرسة علمانية (لاييك) واحدة تلبية لرغبة بعض الأميركيين الذين لهم نفوذ كبير لما يغدقون من أموال طائلة على دولة إسرائيل، فقد احتجَّت جماعة (أغودات إسرائيل) بشدة على ذلك، واستقال وزراؤها الأربعة بسبب ذلك وقالت: إنه لا يجوز في إسرائيل السماح لأية مدرسة علمانية لا تُعنى بتعليم الدين اليهودي مهما كانت الظروف.

واستمرت الأزمة الوزارية فترة من الزمن، ولم تنتهِ إلا برضوخ (بن غوريون) وسحبه موافقته على فتح المدرسة العلمانية.

وفي 28/10/1962م أصدرت الحكومة الإسرائيلية قانونًا حرمت بموجبه على المدارس المسيحية في إسرائيل قبول أي طالب يهودي.

وقد نص القانون على العقوبات التي يجب أن يعاقب بها كل معهد يخالف أحكام هذا القانون، وكتبت الصحف اليهودية حينئذ تعلِّل القصد من هذا القانون وهو حماية الطالب اليهودي من التثقف بأية ثقافة غير الثقافة الدينية اليهودية.

ثم قال السيد محمد أمين الحسيني: لماذا لا يتهم اليهود رجال دينهم ومتعصبيهم بالرجعية؟

ومما هو جدير بالذكر والعبرة أنه لم تَقُم في إسرائيل لهذه المناسبة ولا لغيرها أية دعاية معارضة أو شعارات معادية (لأغودات إسرائيل)، ولم ينعتْها أحد بالرجعية، ولا نعت اليهود أحدًا من رجال الدين عندهم بالرجعية، مع أن تعصبهم الديني بلغ حدَّ الاعتداء على سيارة سفير تركيا؛ لأنه كان يركبها في يوم السبت فرجموها بالحجارة وحطموا زجاجها وأصابوا السفير وبعض أفراد عائلته بجراح، وفعلوا مثل ذلك مع غيره من بعض السفراء الأجانب.

وقد بلغ التعصب الديني من اليهود حتى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، التي هي حاميتهم وولية نعمتهم - حد الاحتجاج على الحكومة الأميركية؛ لإصدارها منذ أمَد قريب طابع بريد لمناسبة عيد الميلاد في العام الماضي يمثل السيد المسيح ووالدته السيدة العذراء، وحد إقامتهم قضية على الدولة في المحكمة العليا؛ لأنها تعلم الدين المسيحي في المدارس الحكومية!

ومن دلائل التعصب الديني عند اليهود أن بعض القوات المسلحة اليهودية عندما اقتحمت سيناء عام 1956، كانت تتقدَّم سيارات الجيش سيارة جيب فيها حاخام يهودي، وقد وضعت على مقدمتها نسخة كبيرة من التوراة، وعندما وطئت أقدامهم أرض سيناء ترجَّلوا وقبّلوا الثرى وأقاموا صلاتهم.

وعندما احتل الجيش اليهودي القدس في حزيران 1967م، كان أول شيء عمله القواد والضباط اليهود أن ساروا إلى مكان البراق الشريف (المبكى)، يتقدمهم الحاخام (عورين) الضابط في الجيش، فنفخ في البوق وفقًا لطقوسهم الدينية، ثم أقاموا الصلاة هناك"[32].

وفي (ص 169) من "البروتوكولات": "حينما نمكن لأنفسنا فنكون سادة الأرض، لن نبيح قيام أيِّ دين غير ديننا؛ أي: الدين المعترف بوحدانية الله الذي ارتبط خطنا باختياره إيانا كما ارتبط به مصير العالم.

ولهذا السبب يجب علينا أن نحطِّم كل عقائد الإيمان، وإذ تكون النتيجة المؤقتة لهذا هي أثمار ملحدين فلن يدخل هذا في موضوعنا، ولكنه سيضرب مثلاً للأجيال القادمة التي ستصغي إلى تعاليمنا على دين موسى الذي وَكَل إلينا بعقيدته الصارمة واجب إخضاع كل الأمم تحت أقدامنا.

وسيفضح فلاسفتنا كلَّ مساوئ الديانات (الأمميية)، ولكن لن يحكم أحد أبدًا على ديانتنا من وجهة نظرها الحقَّة؛ إذ لن يستطاع لأحد أبدًا أن يعرفها معرفة شاملة نافذة إلا شعبنا الخاص الذي لن يخاطر بكشف أسرارها".

وفي كتاب "بحث مختصر من كتاب الماسونية أقدم الجمعيات السرية وأخطرها" في (ص 56- 57) نقلاً عن كتاب "أسرار الماسونية": "كما جاء في السجلاَّت الماسونية الصادرة عام 1904: لقد تيقَّن اليهود أن خير وسيلة لهدم الأديان هي الماسونية، وأن تاريخ الماسون يشابه تاريخ اليهود في الاعتقاد بربط كيانهم بخمسة آلاف سنة منذ بدْء الخليقة، وأن شعارهم هو (نجمة داود المسدسة)، ويعتبر اليهود والماسونيون أنفسهم معًا الأبناء الروحيين لبناة هيكل سليمان، وأن الماسونية تزيف الأديان الأخرى فإنها تفتح الباب على مصراعيه لإعلاء اليهودية وانتصارها".

وذكر في الكتاب المذكور (ص 52) تحت عنوان: (محاربة الماسونية للأديان السماوية والعمل لتدميرها والقضاء عليها ما عدا الدين اليهودي): "لقد كشفت جميع المؤلفات التي كُتِبت عن الماسونية - لها أو عليها - عن حقيقة موقف الماسونية من الأديان عدا الدين اليهودي، وأن مَن يطَّلع على ما نشر بهذا الخصوص يكاد يفقد صوابه من هول وخطورة الخطة التي وضعها اليهود وينفذها الماسونيون للقضاء على الأديان، فمن ذلك مثلاً: ما ورد في 54 من مضابط المجلس الماسوني الأكبر الفرنسي سنة 1897م: لا يقبل المتدينون في المحافل الماسونية؛ لأن الذي ينخرط في المحافل يجب أن يكون حرًّا، والماسوني الحقيقي لا يكون متدينًا.

وورد في محاضر مؤتمر الشرق الأعظم 1923م (ص 411): يجب أن لا يقتصر الماسون على شعب دون غيره، ولتحقيق الماسونية العالمية يجب سحْق عدونا الأزلي الذي هو الدين مع إزالة رجاله.

وجاء في "مجلة أكاسيا" الماسونية سنة 1904م (ص 256): "إن الغاية من وجود الماسونية هي النضال ضد الجمعيات المستبدَّة المنتمية إلى الماضي، ولأجل هذه الغاية يقاتل الماسونيون في الصفوف الأولى؛ لأنها هي المنظمة الوحيدة التي تناهض الأديان والقوميات والتقاليد".

وفي المؤتمر الذي انعقد في ذكرى الثورة الفرنسية سنة 1889م صرح الخطيب (فرنكلون) قائلاً: "سيأتي يوم تتحرر فيه الأمم التي تجهل بواعث وأهداف ثورة سنة 1779م من أواصر الدين، وأن هذا اليوم ليس ببعيد ونحن في انتظاره، وسيلهب الإخاء الماسوني العام ذلك للشعوب وللأوطان، وهذه هي فكرة المستقبل، وأعلن في هذا المؤتمر: أن هدف الماسونية هو تكوين حكومة لا تعرف الله".

وفي مؤتمر الطلاب الذي انعقد في سنة 1865م في مدينة (لييج) التي تعتبر إحدى المراكز الماسونية، أعلن الماسوني المشهور (لافارج) في الطلاب الوافدين من ألمانيا وأسبانيا وروسيا وإنجلترا وفرنسا قائلاً: ويجب أن يتغلب الإنسان على الإله، وأن يعلن الحرب عليه، وأن يخرق السماوات ويمزقها كالأوراق.

وجاء في مضابط مؤتمر بلغراد الماسوني سنة 1911م: يجب أن لا ننسى بأننا الماسونيون أعداء للأديان، وعلينا أن لا نألوا جهدًا في القضاء على مظاهرها.

كما جاء في مضابط المؤتمر الماسوني العالمي سنة 1900م (ص 102): إننا لا نكتفي بالانتصار على المتدينين ومعابدهم، إنما غايتنا الأساسية هي إبادتهم من الوجود.

وجاء في "مجلة أكاسيا" الماسونية سنة 1903م (ص 860): إن النضال ضدَّ الأديان لا يبلغ نهايته إلا بعد فصل الدين عن الدولة.

كما ورد في الوصية الماسونية الشيطانية عن الملوك والأديان قولهم: اشنقوا آخر ملك بمصران آخر كاهن.

وجاء في "موسوعة الحركة الماسونية" طبعة فيلادلفيا سنة 1906م: إن كل محفل هو في الحقيقة والواجب رمز للهيكل اليهودي، وكل رئيس على كرسيه يمثِّل ملكًا من ملوك اليهود وفي كل ماسوني تتمثَّل شخصية العامل اليهودي.

وفي كتاب "بحث مختصر من كتاب الماسونية" أيضًا (ص 49- 51)[33] جاء في صحيفة "لاتوميا" الألمانية الماسونية في 7/8/1928م من أقوال (رودلف كلين): إن طقوسنا يهودية من بدايتها إلى نهايتها ولا بُدَّ أن يستنتج الجمهور من هذا أن لنا صلات فعلية باليهودية.

وكما قال الحاخام الدكتور (إسحاق وايز) في كتابه (إسرائيلو أمريكا) 3/8/1866م: إن الماسونية مؤسسة يهودية فتاريخها ودرجاتها وأهدافها ورموزها السرية ومصطلحاتها يهودية من أولها إلى آخرها.

وجاء في كتاب "التطورات التاريخية للمجتمع اليهودي" المجلد الثاني (ص 156): إن شعار المحفل الماسوني البريطاني الأعظم مكوَّن كله من الرموز اليهودية.

وجاء في مجلة "ذي جويش تريبيون" نيويورك في 18 أكتوبر 1927م بالتاريخ العبري 2 شيشقان 5688 المجلد 91 عدد 18: إن الماسونية قائمة على اليهودية، فإذا استأصلت اليهودية من شعائر الماسونية ومصطلحاتها فما الذي يبقى بعد ذلك؟

وقال الكاتب اليهودي (برناردستلمان) في كتاب "الأثر العبري في الرمزية الماسونية" كما ورد في صحيفة "الأخبار الماسونية" لندن 1929م: إنني أعتقد أنني قد برهنت برهانًا كافيًا أن الماسونية من حيث الرموز مصوغة كلها في قالب يهودي أصيل.

وورد في "الموسوعة اليهودية" طبعة 1903م الجزء الخامس (ص 503): إن المصطلحات والرموز والطقوس التي يستعملها الماسون زاخرة بالأفكار والتعبيرات اليهودية؛ ففي المحفل الكوني الاسكتلندي تؤرخ الوثائق الرسمية حسب التقويم العبري كما تستخدم الحروف العبرية.

وجاء في نشرة جمعية (بني بريث) اليهودية الصادرة عام 1902م: إن غاية الماسونية قد انبثقت من اليهودية، وإن أكثر عادات الماسونية مقتبَسة من معبد سليمان، وكما أن أكثر الإشارات والرموز عبرانية[34].

جاء في الوثيقة التي نشرتها منظمة (مونتريال) النسوية لمحاربة الشيوعية قولها: والهدف المقدس الذي تعمل الماسونية على تحقيقه هو إعادة تشييد هيكل سليمان، وهو أكثر من مجرد رمز بل هو حقيقة مؤكَّدة ستبرز - دون ريب - إلى عالم الوجود عندما يستأصل العرب من فلسطين، وكذلك اليهود يحلمون دائمًا بإعادة دينهم حتى يكون دين العالم الوحيد وذلك إن أفلحوا كما يقول (درزائيلي) في القضاء على النصرانية، ولو قدر لهم أن يصلوا إلى هذا الهدف فلن يستطيعوا ذلك إلا بمساعدة وتعاون المسيحيين الذين غطَّت على بصائرهم الماسونية اليهودية وعصبة الأمم اليهودية[35].

وفي كتاب "أحجار على رقعة الشطرنج"؛ للأميرال (وليام غاي كاي) ترجمة (سعيد جزائرلي) (ص 201): في ذكر المؤتمر الذي عقده حاخامو اليهود في أوربا في بودابست عام 1952م وقد ألقى فيه الحاخام الأكبر (إيمانويل رابينوفيتش) خطابًا سريًّا: "سؤال من أحد الحاخاميين الحاضرين: أطلب من الحاخام (رابينوفيتش) إجابتي على السؤال التالي: ما هو مصير الأديان بعد الحرب العالمية الثالثة؟

الحاخام (رابينوفيتش): لن تكون هنالك أديان بعد الحرب العالمية الثالثة كما لن يكون هنالك رجال دين، فإن وجود الأديان ورجال الدين خطَر دائم علينا وهي الكفيلة بالقضاء على سيادتنا المقبِلة للعالم، فإن القوة الروحية التي تبعثها في نفوس المؤمنين بها تبعث فيهم بالتالي الجرأة على الوقوف في وجهنا، بَيْدَ أننا سنحتفظ من الأديان بالشعائر الخارجية فقط للدين اليهودي وذلك لغاية واحدة هي الحفاظ على الرباط الذي يجمع بين أفراد شعبنا، ومنْع أيِّ أجنبي عنا من الدخول فيه عن طريق الزواج أو غيره.

يقول الكاتب اليهودي (لازار) عن الحركة المعادية لليهود: "لقد احتفظ اليهود حتى الثوريون منهم بالروح اليهودية، ومع أنهم تحرروا من كل دين ومن كل إيمان فقد خضعوا بدافع الوراثة والتربية للتأثير اليهودي القومي، وهذا القول ينطبق بنوع خاص على الثوريين الإسرائيليين الذين عاشوا في النصف الأول من القرن التاسع عشر، والذين يمثلهم (هنري هاين) و(كارل ماركس) أصدق تمثيل، وباستطاعتنا أن نظهر أيضًا ما اقتبسه من الديانة العبرانية (بورون) و(لاسال) و(موسس هس) و(روبير بلوم) و(ديزرائيلي) فتوفر لنا الأدلة على استمرار الروح اليهودي في المفكرين، هذا الروح الذي لمسناه في (مونتاني) و(سبينوزا)، فاليهودي يشترك في الثورة بوصفه يهوديًّا؛ أي: أنه يبقى مقيمًا على يهوديته"[36].

وفي كتاب "اليهودية العالمية وحربها المستمرة على المسيحية" (ص 132- 133) تحت عنوان (المدَّعون أنهم يهود لا صهيونيون): حتى أولئك الذين يدعون - نفاقًا وتضليلاً - أنهم ضد الصهيونية بل ضد إنشاء دولة لليهود أينما كان، تستطيع أن ترى بوضوح من خلال آرائهم وكتاباتهم ميلهم إلى الصهيونية وإسرائيل، وتأثرهم بالدعايات المدروسة المتعلقة بهما.

فالكاتب الأميركي اليهودي (الفريد لينتال) مشهور أو هكذا اشتهر بعدائه للصهيونية وإقامة دولة لليهود، وفي أحد مؤلفاته: "هكذا يضيع الشرق الأوسط" الذي ترجمته دار العلم للملايين في بيروت سنة 1957م يقول تحت عنوان (اللاجئون العرب): "هؤلاء العرب غادروا أوطانهم لأسباب مختلفة قبل أن تبرز دولة إسرائيل إلى حيِّز الوجود في 15 أيار 1948 وبعد ذلك فبعضهم غادر البلاد بأمر من زعمائهم".

وفي موضع آخر يصور المشكلة بين العرب وإسرائيل على أنها مشكلة لاجئين، ويعتبرها أساس الاضطراب في الشرق الأوسط، إلى غير ذلك من الأراجيف والأضاليل الصارخة التي يذيعها اليهود في العالم، وقد فنَّد (شفيق الأرناؤوط) مزاعم المؤلف اليهودي في "مجلة العلوم" عدد 1 أيلول سبتمبر ببيروت، وذلك تحت عنوان (حقيقتان للذكرى والتاريخ).

وفي كتاب "اليهودية العالمية وحربها المستمرة على المسيحية" (ص 18- 20) تحت عنوان (الصهيونية تحرف الإنجيل): وفي العدد 1 - 3 يناير - مارس 1961م من "مجلة نور الحياة" التي يصدرها الأستاذ (جرمانوس لطفي) في القاهرة منذ عشر سنوات مقال له بعنوان (الصهيونية تحرف الإنجيل)، نثبته فيما يلي:
"جرت في السنين الأخيرة محاولات كثيرة لتحريف الكتاب المقدس، وكان أهمها مستوحًى من الحركة الصهيونية التي ما فتئت تعمل سرًّا وعلانية على هدم المسيحية وسائر الأديان الأخرى، وإيقاع العالم في الفوضى والإلحاد والتفكك الخلقي تنفيذًا للمؤامرة الصهيونية الكبرى للسيطرة على العالم.

ومن أعوام عقد في مدينة سيليربرنج في سويسرا مؤتمر اشترك فيه بعض رجال البدع المسيحية الجديدة المتطرفة مع فريق من ممثلي الهيئات الدينية اليهودية. وقرر المجتمعون مكافحة أعداء اليهود في العالم المسيحي، وقرروا أيضًا حذف الآيات والفصول الواردة في الإنجيل بنوع أخص التي تصف اعتداء اليهود على السيد المسيح وصلبه[37]؛ لكي لا تطلع الناشئة في الأجيال القادمة على قصة العدوان اليهودي على المسيح والمسيحية، وقد اشترك في هذا المؤتمر ممثلون عن بلدان مختلفة ونشرت الصحف العالمية أخبار المؤتمر وقرار الأعضاء المشتركين فيه بطبع الكتاب المقدس المعدل وفق قرار المؤتمر، ومحذوفًا منه كل الآيات والفقرات التي تعلن غضب الله على شعب اليهود وسقوط عهده معهم، وبخاصة الفقرات والآيات التي يعلن فيها الوحي الإلهي رفض اليهود نهائيًّا وعدم إعطائهم فلسطين، وأن يصابوا بالذل والمسكنة والتشريد.

وإزاء هذا الوعد من جانب القسس المختفين وراء أسماء مسيحية، وهم في الواقع من صنْع الصهيونيين، تنازل إخوانهم من الحاخاميين وزعماء الصهيونية المشتركين في المؤتمر، وقرروا أن يزيلوا من كتب اليهود الدينية كلَّ العبارات والفقرات التي تحرض اليهود على التآمر والاعتداء على المسيحيين، وتحطُّ من كرامة السيد المسيح الذي حمل رسالة الهدى والحق والسلام والحرية.

ولا ريب أن هذا القرار من جانب اليهود المشتركين في المؤتمر ما هو إلا خدعة جديدة من الخدع الصهيونية المعروفة وهي كثيرة، وقد قصد بهذا المؤتمر بعد الحرب العالمية الثانية إقناع الجماهير المسيحية في أوروبا وأميركا بمساعدة اليهود لإقامة دولة إسرائيل، وتحقيق أغراض الصهيونية بإفساد الرأي المسيحي العالمي بإشاعة البلبلة الدينية فيه والشك في صحة كتبه المقدسة.

فالمسيحيون الذين اشتركوا في المؤتمر وقرروا طبع الكتاب المقدس في أميركا معدلاً - لا يمكن أن يكونوا قسسًا أو مبشرين، أو شيوخًا أو أعضاء عاملين في الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية، والبروتستانتية اللوثرية أو الكلودنية أو الأسقفية، فإن لم يكونوا صهيونيين متخفِّين وراء أسماء مسيحية، فهم بالتأكيد أتباع الشيع المتصهينة التي تسمى بأسماء مسيحية، ولا يستبعد أن يكون بعضهم أيضًا من أتباع البِدَع العقلية المتطرفة التي تطلق على نفسها أسماء مختلفة، وبنوع خاص اسم البروتستانتية الحرة، وهؤلاء ليسوا بروتستانت بالمعنى الصحيح المعروف، وإن كان قد انشق بعضهم عن الكنائس البروتستانتية، وإنما هم فريق من أتباع المدارس الفلسفية المتطرفة التي حاولت - وما زالت تحاول من جديد - تفسير المسيحية وشخصية السيد المسيح تفسيرًا اجتماعيًّا أو سيكلوجيًّا، مهملة الوحي الإلهي كله، وناكرة للعجائب الفائقة الطبعية، ورافضة لاهوت الرب وسر الفداء، ومن السهل أن يندسَّ بينهم صهيونيون ويحاولوا استخدام أضاليلهم في إضعاف المسيحية، وإظهارها بمظهر فرقة يهودية لا هم لها سوى خدمة مآرب الصهيونية".

وقد وصف الزعيم اليهودي العجوز (دافيد بن غوريون) أهداف الصهيونية في مجلة أمريكية بارزة كما يلي:
"إن جميع القارات الأخرى ستصبح متحدة في حلف عالمي وستوضع تحت تصرفها قوة بوليس عالمية، وستلغى جميع الجيوش ولن تقع حروب أخرى، وستبنى الأمم المتحدة (الأمم المتحدة الحقيقية) في القدس مزارًا للأنبياء ليخدم الاتحاد الفدرالي كل القارات، وسيصبح هذا المزار المحكمة العليا للجنس البشري، ويحل جميع الخلافات بين الأقطار المشتركة في الاتحاد الفدرالي"[38].

اليهود من وراء كل النظريات الهدامة:
"لقد راجت في العصر الحديث مذاهب ونظريات وفلسفات غربية، وليس لهذه الفلسفات من همٍّ إلا إثارة النزعات والأحقاد والأنانية المفرِطة بين البشر جميعًا، وقد استنَّت لهذا كله قوانين ونظرت نظريات، وكلها نظريات تهدف لغاية واحدة هي هدم إنسانية الإنسان، والقضاء على الأخلاق والأديان العالمية، وما انطوت عليه من حقد دفين للدين والأخلاق والمبادئ الإنسانية والقِيَم الحقَّة، فما هو دور هؤلاء اليهود الصهاينة في هذه النظريات الهدامة؟

إن اليهود هم اليد المحرِّكة وراء كل مذهب وفلسفة ونظرية وكل نشاط إنساني، فهم ينشرون المبادئ الفاضلة من إخاء إنساني وحرية ومساواة إذا أحسُّوا بالاضطهاد، وهم يئدون أيَّ مذهب اشتمُّوا منه رائحة الأذى من قريب أو بعيد، وإن لم يَئِدوه حوَّروه بما يفسده هو ويخدمهم هم، وهم يروِّجون ما كان مؤدِّيًا إلى خيرٍ لهم في كل أرجاء المعمورة، ويرفعون من شأن صاحبه، ولو كان حقيرًا، كما يروِّجون لكل قلم ما دام هذا القلم سيساعدهم - بأيِّ وجه - على إفساد الناس ورفع شأن اليهود، كما فعلوا مع (نيتشهNietahe الذي تهجم على المسيحية وأخلاقها، وقسَّم الأخلاق إلى نوعين: أخلاق سادة، كالعنف والاستخفاف بالمبادئ، وأخلاق عبيد كالرأفة والرحمة، مما يتفق وروح اليهودية وتاريخها؛ إذ هي قائمة على الانتصار - المحض - كما يقول (أبو الحسن العامري) ويمهد لها في الأذهان ويجعلها سابقة على (نيتشه).

كذلك روَّج اليهود مذهب التطور، وأولوه تأويلات بالغة، واستخدموه في القضاء على الأديان والأخلاق بإثارة النزعات الحيوانية ومبدأ الصراع والتنازع من أجل البقاء، مظهرين أن كل شيء بدا ناقصًا، يثير السخرية والاحتقار، ثم تطور بعد ذلك، فلا قداسة إذن لدين ولا وطنية ولا لمقدس من المقدسات.

واليهود يعبثون بعلوم الاقتصاد والاجتماع ومقارنة الأديان، ويسخِّرونها لمصلحتهم وإفساد الآداب والنُّظُم والثقافات والعقول في أنحاء العالم، ويدسُّون فيها نظريات مبهرجة لا يفطن لزيفها إلا الموهوبون ذوو العقول المستنيرة والمستقلة.

وكذلك هم وراء كل زيٍّ من أزياء الفكر والعقيدة والملبس والسلوك ما دام لهم في رواجه منفعة، وهم أحرص على ترويجه وإذاعته إذا كان يحقق لهم المنفعة ويجلب لغيرهم الضرر، ولا يخلو قطر أو دولة كبيرة من مركز دعاية فكرية تروج لأفعال هذه الأزياء المذهبية والاتجاهات الهدامة.

ولن تُفْهَم المدارس الحديثة في أوربا - كمايرى الأستاذ العقاد - ما لم تُفْهَم هذه الحقيقة التي لا شك فيها، وهي أن أصبعًا من الأصابع اليهودية كامنة وراء كل دعوة تستخفُّ بالقِيَم الأخلاقية، وترمي إلى هدْم القواعد التي يقوم عليها مجتمع الإنسان في جميع الأماكن والأزمان؛ فاليهودي (كارل ماركس) وراء الشيوعية التي تهدم قواعد الأخلاق والأديان، واليهودي (دور كايم) وراء علم الاجتماع، واليهودي أو نصف اليهودي (سارتر) وراء الوجودية التي نشأت في الأصل معزِّزة لكرامة الفرد، فجنح بها سارتر إلى حيوانية تصيب الفرد والجماعة بآفات القنوط واليأس والانحلال.

ومن الخير أن تدرس المذاهب الفكرية بل الأزياء الفكرية، كلها مشاع منها في أوربا مذهب جديد، ولكن الشر أن تدرس بعناوينها وظواهرها دون ما وراءها من عوامل المصادفة والتدبير المقصود.

ولنَقُلْ مثل هذا الكلام في (سيجموند فرويد) اليهودي الذي هو وراء علم النفس، يرجع كل الميول والآداب الدينية والخلقية والفنية والأسرية إلى الغريزة الجنسية؛ كي يبطل قداستها، ويخجل الإنسان منها، ويزهِّده فيها، ويسلب الإنسان إيمانه بسموِّها ما دامت راجعة إلى أدنى ما يرى في نفسه، وبهذا تنحطُّ في نظره صلاته بأسرته ومجتمعه والكون وما وراءه.

كذلك يقال هذا الكلام في علم مقارنة الأديان وفي حركة الاستشراق وغيرهما من الأفكار اليهودية الأصل.

لكن يجب التنبه إلى أنه من الغباء القول بأن اليهود هم القائمون بكل هذه الحركات السياسية والفكرية والاقتصادية، فبعضها من عملهم وعمل صنائعهم، وبعضها من عمل غيرهم، ولكنهم هم كالملاَّح الماهر ينتفع لتسيير سفينته بكل تيار وكل ريح مهما يكن اتجاهه، ويسخِّره لمصلحته، سواء كان موافقًا أو معاكسًا له، ويا ليت قومي يعلمون[39]!

واليهود مستعدُّون لتدمير العالم أجمع إذا ما شعروا بأن خططهم اكتُشِفَتْ وأن خطرًا يحيق بهم، ففي البروتوكول التاسع (ص 147): "وعندئذ ستُقام في كل المدن الخطوط الحديدية المختصة بالعواصم والطرقات الممتدة تحت الأرض، ومن هذه الأنفاق الخفية سنفجر وننسف كل مدن العالم ومعها أنظمتها وسجلاتها جميعًا".

وكما يقول سرجي نيلوس في تعقيابته على "البروتوكولات" (ص 222- 223): إن الأحداث في العالم تندفع بسرعة مخيفة، فالمنازعات والحروب والإشعاعات والأوبئة والزلازل، والأشياء التي لم تكن أمس إلا مستعجلة قد صارت اليوم حقيقة ناجزة.

إن الأيام تمضي مندفعة كأنها تساعد الشعب المختار ولا وقت للتوغُّل بدقَّة خلال تاريخ الإنسانية من وجهة نظر (أسرار الظلم) المكشوفة، ولا للبرهنة تاريخيًا على السلطان الذي أحرزه (حكماء صهيون) كي يجلبوا نكبات على الإنسانية، ولا وقت كذلك للتنبؤ بمستقبل البشرية المحقق المقترب الآن، ولا للكشف عن الفصل الأخير من مأساة العالم.

ــــــــــــــــــــ
[1] انظر: كتاب "همجية التعاليم الصهيونية وبروتوكولات حكماء صهيون"؛ لعجاج نويهض، و"خطر اليهودية العالمية على الإسلام والمسيحية".
[2] من كتاب "خطر اليهودية على الإسلام والمسيحية" (ص 165).
[3] كتاب "خطر اليهودية على الإسلام والمسيحية" (ص 165- 166).
[4] "الرأي العام الكويتية" العدد 2774 في 5/5/1391هـ.
[5] "التضامن الماركسي والتضامن الإسلامي" (ص 62- 75).
نشرت جريدة الحياة اللبنانية في عددها (7229) بتاريخ 30 أيلول 1969م تعليقًا جاء فيه ما يأتي:
"أمامي قصاصات من صحف مصرية وأخرى إسرائيلية يتحدث فيها أصحابها عن مؤتمر القمة الإسلامي، ويناقشونه من حيث المبدأ والفكرة والوقائع والنتائج، والذين يقرؤون هذه القصاصات يلاحظون أن مبادئ النقد واحدة والمناقشات واحدة والاستنتاجات واحدة!
وفي جريدة معاريف مقال لو نقل على ورقة منفصلة ووضع إلى جانب ورقة أخرى عليها مقال لجريدة الأخبار المصرية، ثم أغفل المصدر والكاتب لما استطاع أي قارئ أن يميز ولو في فكرة واحدة أو كلمة واحدة بين ما قالته معاريف وما قاله إحسان عبدالقدوس!
"مؤتمر القمة الإسلامي استهدف فرض عنصرية دينية".
"أبرز التكتلات والخلافات داخل العالم الإسلامي".
"أظهر أن شعار الجهاد المقدس ليس شعار الدول الإسلامية".
"انتهى المؤتمر إلى مجرد كلام وأقوال لن تعقبه إجراءات ولا أعمال".
هذه الأفكار وأمثالها وردت في المقالين المصري الثوري والإسرائيلي الصهيوني، فإذا كانت مصلحة إسرائيل من تسجيل مثل هذه الأفكار والترويج لها معروفة ومألوفة، فما هي بالنسبة لإحسان عبدالقدوس ومصلحة مصر والعروبة من ترديد مثل هذه الأقوال".
ونشرت جريدة الحياة اللبنانية في عددها (7230) في 1 تشرين أول 1969م تعليقًا بعنوان (الإنجاز الثوري في القمة الإسلامية): أعظم إنجاز تم في مؤتمر القمة الإسلامي - وفقًا لما أكدته الصحف المصرية - كان من جانب الوفد الذي مثَّل مصر الثورة برياسة أنور السادات، هذا الإنجاز كان أقوى من المؤتمر ذاته، وأجدى من كل القرارات التي اتخذها، بل وأعظم مما يمكن أن يتوصل إليه أي مؤتمر آخر عقد قبل أو بعد نكبة العرب الكبرى في حرب الأيام الستة!
يصف الصحفيون الثوريون في مصر هذا الإنجاز بأنه إحباط لمحاولة خطيرة كانت ترمي إلى تحويل مؤتمر القمة الإسلامي إلى تضامن إسلامي أو إلى تحالف بين الدول الإسلامية، وهو أمر خطير جدًّا لو أتيحت له فرصة التحقيق أو الإنجاز لكان على العرب - الثوريين طبعًا - كارثة تفوق كارثة الخامس من حزيران، ونكبة تتجاوز كل ما نزل بهم حتى الآن!
نشرت "مجلة الأنباء السوفيتية" في عددها (15 5 آب 1966) تحت عنوان (نتائج مفرحة) مقالاً جاء فيه: "إن إعلان الجمهورية العربية المتحدة مهامها الرئيسة – أي: خطتها الاشتراكية - ومنها بناء المجتمع الاشتراكي، يجد التفهم التام والتأييد لدى الشعب السوفيتي، والواقع أن العلاقات بين الاتحاد السوفيتي والجمهورية العربية المتحدة تتعدى نطاق التعاون العادي، وتبنى على أساس المبادئ اللينينية في السياسة الخارجية".
وختمت المجلة كلامها بالتنويه بما قاله حسين ذو الفقار صبري المسؤول عن السياسة الخارجية في الاتحاد الاشتراكي عند حضوره المؤتمر الثالث والعشرين للحزب الشيوعي إذ قال: "إن تجربة الحزب الشيوعي السوفيتي ليست الآن ملك الشعب السوفيتي وحده، بل هي مفيدة لشعوب العالم كله" انظر: "بلشفة الإسلام"؛ للدكتور صلاح الدين المنجد ص42- 43.
[6] انظر: "جريدة الحياة اللبنانية" في عددها 7172 في 21/5/1389هـ.
[7] انظر: كتاب "التضامن الماركس والتضامن الإِسلامي" ص 81- 82.
[8] قاله الشيخ عبدالغني الراجحي ("منبر الإسلام" إبريل 1966 ص 52).
[9] قاله الشيخ حنفي عبدالمتجلي ("منبر الإسلام" مايو 1966 ص 205).
[10] قاله الشيخ محمد حافظ سليمان ("منبر الإسلام" إبريل 1966م ص 119).
[11] قاله حنفي عبدالمتجلي ("منبر الإسلام" مايو 1966م ص 205).
[12] قاله الشيخ إبراهيم شعوط ("منبر الإسلام" يوليو 1966م ص 96).
[13] قاله الشيخ محمود فرج العقدة ("منبر الإسلام" يوليو 1966م ص 109).
[14] الشيخ موسى شاهين لاشين ("منبر الإسلام" يوليو 1966م ص 74).
[15] الشيخ محمد زكريا البرديسي ("منبر الإسلام" إبريل 1966م ص 243).
([16])         "التضامن الماركسي والتضامن الإسلامي" (ص 84- 89).
[17] "التضامن الماركسي والتضامن الإسلامي" (ص 91- 93).
[18] المصدر السابق (ص 97) نقلاً عن ("منبر الإسلام" ص 52 يوليو 1966م).
[19] كتاب "بلشفة الإسلام" (ص 53- 57).
[20] انظر: كتاب "بلشفة الإسلام" (ص 67- 68).
[21] "بلشفة الإسلام" (ص 68).
[22] "بلشفة الإسلام" (ص 73- 74).
[23] "بلشفة الإسلام" (ص 80- 81).
[24] انظر: كتاب "بلشفة الإسلام" (ص 70- 71).
[25] "بلشفة الإسلام" (ص 72).
[26] "بلشفة الإسلام" (ص 84- 86).
[27] "بلشفة الإسلام" (ص 87).
[28] "بلشفة الإسلام" (ص 82).
[29] "في سبيل البعث"؛ لميشيل عفلق، الناشر: دار الطليعة ببيروت.
[30] وانظر: ما كتبه هنري فورد في كتابه "اليهودي العالمي" تحت عنوان: (الحملات على المسيحية) (ص 118- 124)؛ لترى كيف يشن اليهود الحملات الشعواء على المسيحية، وهذا دأبهم بالنسبة للديانة الإسلامية، بل هم على الإسلام أشد ضراوة ووحشية.
[31] في العدد (101).
[32] "مجلة فلسطين" العدد (101) في جمادى الأولى سنة 1389هـ اب 1969م.
[33] نقلاً عن "مجلة المسلمون" المجلد السادس العدد الثامن 1927.
[34] من كتاب "بحث مختصر من كتاب أسرار الماسونية" (ص 51) نقلاً عن كتاب "أسرار الماسونية" (ص 54).
[35] "مجلة المسلمون" مجلد 6 عدد 8 (ص 784)، و"بحث مختصر من كتاب الماسونية أقدم الجمعيات السرية وأخطرها".
[36] "مجلة فلسطين" العددان 60 و61 لشهري ذي القعدة وذي الحجة 1385هـ شباط وآذار 1966م (ص 63)، وكتاب "اليهودية العالمية واستمرار حربها على المسيحية" (ص 134).
[37] كما يزعمون.
[38] "مجلة فلسطين" العدد 89 جمادى الأولى 1388هـ آب 1968م.
[39] "مجلة الدعوة" العدد 821 في 27 محرم 1404هـ.
جبهة انقاذ الوطن العربى

0 التعليقات

ضع تعليق

Copyright 2010 جبهة انقاذ الوطن العربى Designed by الجبهه